بسم المودة أكتب إليك هذه الرسالة،
مر وقت طويل منذ آخر محادثة بيننا. هل تتذكر؟ حين فتحت أحد الدفاتر القديمة المنسية، بعد منتصف الليل، وجلست تكتب لي. كنتُ أنظر إليك وكلّي يقين أنك تستطيع تجاوز ما حدث.
أكتب إليك الآن ونحن على أعتاب السنة الجديدة، فصل الشتاء الذي تحب. يروق لي مزاجك في مثل هذا الوقت من العام، الذي تقضي فيه أيامك كما لو أنك نصف ثمل، وتمشي على الأرض كما لو أن كل شيء على ما يرام.
قل لي، من أنت لو كان كل شيء على ما يرام؟
كانت سنة استثنائية، اتخذت قرارات مهمة كنت تؤجلها عاما بعد عام. قرارات شجاعة، لأن الشكوك ما انفكت تحوم فوق رأسك حيثما ولّيت. ومرة أخرى، فقدت ثقتك بنفسك وتلاعبت بك الظنون. لكنك اتخذت قرارك، وحملت أوهامك فوق ظهرك وواصلتَ المسير. لم تتوقف. كم أنا فخور بك.
صرت تتقن اللعب مع الحياة؛ تتغافل عمّا لا تريد.
أراك تطرب لكلام امرؤ القيس، وتتبسم بانشراح حين تستمع إليه أثناء رياضة المشي، أو في السيارة، أو قبيل النوم. في غمرة حزنه وليله الثقيل، تداعت إليه مغامراته السابقة. لم يسمح للهم أن ينسيه من يكون. لا بد أنك انتبهت لذلك. في يوم حزنه، تداعت إليه أيام سعده، واحدة تلو الأخرى، تعزيةً وسلوانًا.. هي هكذا.
قل لي، من أنت لو كان كل شيء على ما يرام؟
في عامك الجديد، واصل ما بدأته، ولا تدع يومك يمضي دون أن تتقدم خطوة. وتذكر أنه ليس ثمة وجهة، فاستمتع بما بين يديك: هذه الرحلة.
يجب أن أتوقف عند هذا الحد. لم أكتب لأمطرك بالنصائح، بل لأقول لك: لا تنتظر أن تتلبد السماء بالغيوم حتى تكلمني. يسعدني أن نتحدث في أي وقت. اختر الدفتر الذي تحب، وتأكد أنني دائما في شوق لما سوف تكتب.
دمتَ بمحبة،
الرجل الذي في المرآة
ديسمبر 2024