اقطع اتصالك



Andrea Manzati



ترجمة: علي الصباح



ثمة شيء مشترك بين أفضل أوقات حياتي وأكثرها سعادة وإنتاجا إبداعيا: أكون قد قطعت اتصالي. 

لا انترنت. لا تلفاز. لا هاتف. لا أحد. عزلة طويلة خالية من المقاطعات. 

حينما كنت في الثانية والعشرين، استقلت من وظيفتي وذهبت لقضاء خمسة أشهر لوحدي في منزل على ساحل أوريغون. أتمرن، أكتب، أُسجل، أمارس الرياضة، وأتعلم. لا انترنت، لا تلفاز، لا هاتف، لا أحد. كنت أذهب إلى المدينة فقط مرة في الشهر لمقابلة الأصدقاء والأهل. وبقية الوقت أقضيه في انقطاع تام. 

في تلك الأشهر الخمسة كتبت وسجلت أكثر من خمسين أغنية، حققت تطورا عظيما في أدائي الموسيقي، قرأت عشرون كتابا، وحصلت على أفضل قوام لجسمي في حياتي كلها. 

حينما كنت في السابعة والعشرون، انتقلت إلى غابة وودستوك وقمت بذلك مجددا. أشهر تلو أشهر من العزلة الجميلة. هكذا بدأت في مشروع سي دي بيبي. 

هذا لا يعني أنني أكره الناس. ثاني أمتع لحظات حياتي كانت مع الناس. لكنه أمر مثير للاهتمام هذا الكم من الأفكار البارزة التي توجد معك في الغرفة أثناء ذلك التدفق الإبداعي المدهش. خال من ثرثرة العالم. لا تحديثات. لا أخبار. لا صوت تنبيهات. لا محادثات. لا تصفح. 

الصمت هو نسيج ممتاز لأفكارك. ذلك الفراغ يدفعك لتحويل كل مدخلاتك إلى مخرجات. توقف المقاطعات يتيح لك أن تتدفق. 

كل برنامج يريدك أن تدمن تحديثاته وتنبيهاته ومحادثاته ورسائله وأخباره اللانهائية. لكن إذا كان مرادك في هذه الحياة أن تنتج، فتلك كلها عوائق بالنسبة لك. 

كثيرا ما يسألني الناس عما يمكنهم القيام به ليصبحوا ناجحين. أقول اقطعوا اتصالكم. حتى ولو لساعات معدودة. افصل السلك. أطفئ هاتفك والواي فاي. ركز. اكتب. مارس. أبدع. هذا ما هو نادر وذو قيمة هذه الأيام. 

لن تتفوق على أي أحد عبر استهلاك نفس الأشياء التي يستهلكها الجميع. إنه أمر نادر، هذه الأيام، أن نركز. وهو يعود بعوائد مجدية.