كيف تكتب يوميا؟







كيف تكتب يوميا؟
بقلم: ليو باباوتا
ترجمة: علي الصباح


أكتب كل يوم. الكتابة مهنتي بكل تأكيد, لكنني أرى أن الكتابة اليومية سهلت عليّ احترافها.
أكتب في دفتر يومياتي, وفي مدونتي, وفي مشروعي Sea Change, وألّفت كتبا ورقية وإلكترونية. وبهدف المتعة, شاركت في مشروع نانورايمو وكتبت رواية من ٥٠ ألف كلمة, ثم في العام التالي كتبت رواية من ١١٠ ألف كلمة. وواضبت على كتابة مقالات صحفية وأعمدة رأي لعدة سنوات. لا أذكر هذه التفاصيل للمباهاة, بل لأُبيّن نوعية الكتابة التي أمارسها كل يوم.




الفوائد
استفدت من الكتابة اليومية عدة فوائد, هذه بعضها:
  • تطورت مهارتي الكتابية عبر السنوات.
  • أكتب وأطبع على الكيبورد بشكل أسرع.
  • يمكنني تصفية ذهني بشكل أفضل بسبب الكتابة المنتظمة.
  • يمكنني التفكير من منظور القارئ, مما ساعدني في الكثير من المواقف الحياتية.
  • أنا مضطر للتفكر في حياتي اليومية, مما عمّق تعلمي.
  • أنا مضطر لإيجاد وسائل تجعلني متحفزا للكتابة كل يوم.
  • أتعلم لأصنع عادة منتظمة, كما أفعل مع التأمل والتمارين الرياضية والأكل الصحي.
  • تعلمت أن أتغلب على التطلع إلى الكمال من خلال نشر كتاباتي لتُقرأ وتُقَيَّم, مما يساعدني على تقبل الفشل والإضطراب.
  • تعلمت أن أتغلب على الملهيات والتسويف.


هناك فوائد أخرى كثيرة, من تقبّل المجهول إلى إيجاد وسائل للتعبير عن جوهر وجودي. ليست أشياء بسيطة, أعتقد.
حسنا, كيف تكتب يوميا؟ سأشاركك بعض الأفكار التي نجحت معي.


كيف تكتب يوميا؟
ما يلائمك سيختلف عن ما يلائمني, لكني فكرت بمشاركة الأشياء التي ساعدتني:
١- أهم شيء: ليكن لديك باعث عظيم. البقية لن تهم إذا أغفلت هذه النقطة. أجب على هذا السؤال: لماذا تريد الكتابة كل يوم؟ إذا كان ذلك لأنها تبدو ممتعة, رائعة, لطيفة … فستتوقف عند أول مشقة. إذا كنت تفعل ذلك لتساعد شخصا آخر, لتجعل العالم مكانا أفضل, لترفع من معنويات أحد, لتقلل من ألمك, لتجد منفذا تعبّر من خلاله عن دواخل ذاتك … حينئذ يمكنك أن تستدعي هذا السبب حين تغدو الأمور صعبة.


٢- اقتطع وقتًا خالٍ من التشتيت. كل ما تحتاجه هو ١٠ دقائق في اليوم. لكن عليك أن تقتطع هذه الدقائق العشر وتعاملها كموعد غير قابل للفوات. لن تقول لطبيبك بأنك ستحضر إلى موعدك معه "بعد أن تتفقد بريدك الإلكتروني والفيسبوك لمرة أخرى" أليس كذلك؟ إذن لا تفعل هذا لموعدك مع الكتابة. إنه وقت خالٍ من التشتيت, لذا أغلق كل شيء وتعامل معه بشيء من التقديس. خصص مكانا للكتابة, وعاملها كصلاتك اليومية, واستعد لها قبل حلول موعدها.


٣- لا تنسى. مالذي تفعله إذا أردت أن لا يفوتك موعد؟ قد تدونه في مفكرتك, تضع منبها, أو حتى أن تترك ملاحظة في أماكن لن تخطئها عينك. قد تطلب من شخص آخر أن يذكرك به. أفعل كل ما سبق.


٤- أفعلها بشكل سريع. يظن بعض الأشخاص أن عليهم الكتابة لساعة أو ساعتين حتى يُعدون ذلك كتابة. لكن مهمة بهذا الحجم ستكون شاقة. عوضا عن ذلك, اكتب لخمس دقائق. أو عشر. مهمة صغير وقابلة للتنفيذ. ثم احشد كل تركيزك وصبّ كتابتك في هذه العشر دقائق, كأنك تجري إلى حبيبتك بعد فراق طويل.


٥- مارس التأمل. يمكنك أن تعامل الكتابة كنوع من التأمل -إنها وسيلة يمكنك من خلالها أن تضع كل الأشياء جانبا ولا يتبقى سواك أنت في مقابلها, لتجعل خواطرك تتشكل ككلمات على الصفحة, لترى جريان اندفاعاتك, القصص التي تحكيها لنفسك عن نفسك وحياتك. لا تندفع إلى عملية الكتابة وتعاملها كمهمة روتينية -لاحظ متى يبدأ عقلك بالتذمر, لاحظ تفاصيل المكان الذي تكتب فيه, لاحظ المشاعر التي تعتري جسدك حين تجلس لتكتب, وتقبّل اللحظة.


٦- مارس الامتنان. حين تمارس التأمل, انتبه لروعة هذه اللحظة من التعبير الذاتي. يسهل كثيرا أخذها كأمر مفروغ منه, ثم الانشغال عنها بفعل أمور أخرى. عوضا عن ذلك, توقف وانظر إلى الأشياء التي يمكنك تقديرها حول وقت الكتابة هذا. ما هو الشيء الجميل؟ مالذي تأخذه كشيء مسلّم به؟ بالنسبة لي, أنا ممتن لحصولي على فرصة للكتابة, لأساعد الآخرين, لأشارك بما تعلمته عن هذا العالم. وكذلك لوجود سقف يظلني, وبأنني لستُ جائعا ولا أعاني من آلام فظيعة, ولقدرتي على رؤية النور والألوان والاستماع لموسيقى العالم … هذه الأشياء ببساطة مدهشة.


٧- تقبّل عدم الكمال. الكتابة تدعو إلى التخلي عن مثلنا العليا, وأن نمارسها على أية حال, حتى لو لم نستطع أن نصل إلى الكمال. إذا كان همنا هو كتابة أشياء مذهلة فقط عوضا عن مسودات أولية رديئة, فلن نكتب أبدًا. لذا علينا أن نسمح بشيء من الإضطراب, ونتيح لأنفسنا ممارسة أشياء لا نتقنها بشكل كامل ثم نعرضها كما هي ونتقبل الحياة الغير مثالية.


٨- لا تدع عقلك يهرب (مؤقتا). سيحاول عقلك أن يهرب من الكتابة. هذا طبيعي. فالعقل لا يحبذ ما هو مجهول وشاق. ستجد رغبة لتتفقد بريدك الإلكتروني, المدونات, الشبكات الإجتماعية, الأخبار, أو لتنظف مطبخك. انتبه لهذا الالحاح, واجلس معه. لا تهرب.


قد يبدو هذا كثير, لكنه في الحقيقة بسيط. ليكن لك سبب وجيه, اقتطع وقتًا, حدد مواعيد غير قابلة للنسيان, اكتب بتدفق خلال فترات صغيرة, وكن منتبها, ممتنا, ومركزا.

ممارسة هذا بشكل يومي سيساعدك على تشكيل عدة مهارات نافعة, كملازمة أمر ما وعدم الهروب منه إلى المشتات, تعلم التعبير عن الذات, المداومة على عادة منتظمة, وأن تكون متيقظا وممتنا. ستستفيد في كل نواحي حياتك, وأنا أنصحك بشدة أن تبدأ اليوم.