أربعة فروقات بين الدماغ العبقري والدماغ العادي




أربعة فروقات بين الدماغ العبقري والدماغ العادي
ترجمة: علي الصباح


كان ألبرت آينشتاين عبقريا.  كذلك كان ليوناردو دافنشي, بوبي فيشر, نيكولا تيسلا, ماري كاري, لودفيغ فان بيتهوفن, ومدام دي ستايل. هذا غير قابل للجدل. يمكنك كذلك أن تسميّ عشرات آخرين. ثم تفكّر في هذا السؤال: لمذا يُعد هؤلاء الأفراد عباقرة؟ على أي مقياس أجرينا هذا الحكم؟ لا شك أن كل واحد منهم أسهم بشيء لمجتمعنا, سواء كان فنيا أو علميا أو ثقافيا. لكن ما الذي يصنع العبقري؟ هل أدمغة هؤلاء الأفراد تختلف جذريا عن عن أدمغة غير العباقرة, أو الناس العاديين؟

الروابط: الطويلة والقصيرة
في الدماغ العادي, هناك إنقسام متساوٍ نسبيا بين الروابط والطويلة والقصيرة داخل قشرتنا الدماغية. الروابط القصيرة متعلقة باستعدادنا لمزاولة شيء من اهتمامنا, بينما الروابط الطويلة تختص باستعدادنا لمزاولة الأشياء الخارجة عن اهتمامنا. في دماغ العبقري, غالبا ما تترجح كفة أحد هذه الروابط على الأخرى. على سبيل المثال, ربما كان لبيتهوفن عدد كبير من الروابط القصيرة القشرية, تتعلق بقدراته الموسيقية. شخص مثل بليز باسكال حتما سيكون لديه عدد أكبر من الروابط الطويلة في قشرته الدماغية بما أنه كثيف الإنجاز بكل شيء من الرياضيات إلى النثر إلى الفلسفة اللاهوتية.

المهاد: مصفاتنا
مستقبلات الدوبامين في مهاد أدمغتنا تحدد, بشكل أساسي, مالذي يمر. أدمغتنا تعالج الخواطر أسرع من إمكانيتنا على تنظيمها. المهاد ومستقبلات الدوبامين هما في الواقع مكان عنق الزجاجة لهذه الخواطر. بعضها قيّمة لذا يسمح لها بالمرور, بينما الأخرى تُكبَت وغالبا لا تصل إلى التفكير الواعي. في دماغ العبقري, هناك عدد أقل من مستقبلات الدوبامين. لذلك, عنق الزجاجة يكون أوسع, مما يتيح لِكَم أكبر من الخواطر بالمرور. تأمل القدرة على الإبداع وحل المشاكل التي سيمتلكها شخص إذا سُمح لخواطر وحلول وأكثر بالمرور.

أهمية المادة الرمادية
المقصود بالمادة الرمادية ذلك النسيج الداكن من الدماغ والحبل الشوكي. تتكون من تشعبات تتفرع خارجا  لتنتظر, حرفيا, استقبال المعلومات من المحاور العصبية. عند دراسة أدمغة الذين حققوا نتائج عالية في اختبار الذكاء IQ - عددهم أكثر من 130 - لوحظ وجود مساحة أكبر من البقعة الرمادية. بالإضافة إلى ذلك, البقعة البيضاء من الدماغ, حيث تكون المحاور العصبية, كانت كذلك أكثر وفرة. الكميات الكبيرة من الخلايا العصبية في المادة الرمادية والبيضاء تعني أن التواصل يحدث بصورة أسرع وأكثر فعالية. نُشرت مؤخرا صور لدماغ ألبرت آينشتاين ولم تحتوي فقط على مادرة رمادية أثخن وأكبر, وإنما حوت كذلك على طيات معقدة أكثر طوال المادة الرمادية, مما يوحي بأنها من العلامات التي تنبئ بدماغ عبقري.

المنهح
بينما هناك بالتأكيد خصائص فيزيائية أو ملموسة في أدمغة العباقرة تميزهم عن غير العباقرة, هناك الكثير مما يمكن الحديث عنه حول منهج العبقري في التفكير بشكل عام. تأمل كيفية تفكيرك لحل مشكلة محددة. لعلك تبدأ بطوفان من الأفكار. ثم, غالبا, تشرع بركن هذه الأفكار. أحدها لن تنجح لأنك لا تملك ما يكفي من المال. أخرى لن تنجح لأنك جربتها سابقا وفشلت. بينما واحدة أخرى لا يمكن أن تنجح لأن لا أحد يطبقها. وهكذا, ببطئ وثبات, تعيق كل أفكارك وتستخلص واحدة أو اثنتان يمكنهما النجاح. دماغ العبقري يعمل بشكل مختلف. الأفكار لا تُركن بناء على مدى فاعليتها أو تطبيقها العملي. كل شيء يؤخذ بعين الإعتبار. الخواطر لا تُستبعد مباشرة. العبقري غالبا ما يسلك مفارق متعددة حتى يصل إلى النتيجة المبتغاة, فضلا عن الحكم ببساطة عن مالذي سينجح ومالذي لن ينجح.

كلمة "عبقري" أُستخدمت لوقت طويل كوسيلة لتصنيف شخص ما بأنه بشكل مبتكر أو ماهر بشكل ملفت, إلا أن علماء الأعصاب بعيدون جدا عن اكتشاف ما الذي يفصل أدمغتهم عن غير العباقرة. ما يبدو واضحا بشكل واسع في هذا المسعى في تحديد ما يصنع العبقري أن ليس هناك عامل أوحد. الاختلافات في بنية الدماغ الفيزيائية ومعالجات الخواطر المصاحبة هي مجرد جزء من لغز غامض.