كيفن ميتنك


نشأته





ولد كيفن ميتنك عام 1963 وعاش طفولته مع والدته بعد أن تركهم والده وهو في الثالثة من عمره, وأمضاها متنقلا من منزل إلى آخر فلم تتح له الفرصة لتكوين صداقات طفولة, وكان شغوفا بالقراءة منذ مراهقته فكان يقضي العديد من الساعات بين الكتب في عطلة نهاية الأسبوع. وقام بتعليم نفسه بنفسه في مجال الحاسوب والشبكات.


تميز كيفن بإتقانه للهندسة الإجتماعية وهي فن خداع الآخرين لإعطائه المعلومات التي يريدها, ويتحدث عن طفولته وبداياته في عالم الاختراق بذكر القصة التي حصلت له في الباص حيث مارس الهندسة الاجتماعية على سائق الباص وطلب أن يدله على المكان الذي يجلبون منه الأداة التي تثقب الأوراق المستخدمة في كل باصات لوس أنجلوس, وادعى بأنه يعمل على مشروع للمدرسة ويحتاج أن يثقب عدة قطع على لوحة حائط وذهب كيفن لشراءها بعد أن عرف مكان بيعها من سائق الباص واستطاع ان يركب اي باص في لوس أنجلوس مجانا.



في مراهقته كان يمارس ما يعرف ب Phone Phreaking فكان يجري بعض المقالب بأصحابه بحيث لو رفعوا سماعة هاتف المنزل فسيسمعون صوتا يطلب منهم إدخال قطعة نقود لإجراء مكالمة. وغيرها من الحيل من خلال الهاتف وهذه المهارة أفادته مستقبلا في اختراقاته للعديد من الشركات. وبدأ باختراق بعض الأنظمة وحاول جمع كل ما يستطيعه من معلومات عن نظام RSTS/E المستخدم في العديد من الشركات وهو في المرحلة الثانوية, وكان وقتها مشغول جدا في اختراق الحواسيب والهواتف فلم يلقي أي اهتمام لدراسته ولكي لا يقضي المزيد من الوقت في دراسة يراها مملة جدا قرر اجتياز امتحان يعتبر مساوي للشهادة الثانوية وفي عام 1981 بدأ دراسته في إحدى الكليات لمدة سنتين. لكن بعد فترة قصيرة التقى والد كيفن بأحد مدرسيه وقال له "ابنك يعرف الكثير عن الحواسيب وليس لدينا أي شيء نعلمه إياه" فخرج كيفن من الكلية.


كانت شركة Pacific Telephone تستخدم نظام COSMOS فقرر أن يذهب مع اثنين من أصدقاءه للقيام بما يعرف بـ Dumpster Diving وهي باختصار البحث في القمامة الخاصة بشركة يراد اختراقها على أمل الحصول على بعض المعلومات المتعلقة بالانظمة المستخدمة ف الشركة والتي القاها احد الموظفين في القمامة. لكن عند وصولهم بالقرب من مبنى الشركة خطرت عليهم فكرة محاولة دخوله فذهب كيفن للحارس وقال له بأنه يعمل هنا ويريد ان يأخذ أصدقاءه ليروا مكان عمله, وافقه الحارس مباشرة حتى أنه لم يسال عن هويته! ومن خلال المعلومات التي كان كيفن يجمعها عن الشركة فإنه يعرف مكان الحاسوب COSMOS فتوجه له مباشرة. وأثناء تجوله في المكاتب المحيطة بالحاسوب وجد مجلدا مكتوب عليه "Passwords" ابتسم ابتسامة عريضة وشعر وقتها أن لا حاجة لبقائه أكثر. وقبل ذهابه أخذ مجموعة من الأوراق التي تشرح كيفية عمل النظام لينسخها. الطريف في الأمر أن الحارس لم يعلق عند خروجهم وهم محملين بالعديد من الأوراق والملفات بعدما جاؤا بأيدي خالية!

أحد رفقاء كيفن تحدث عن هذه الأوراق إلى صديقته السابقة والتي كان بينها وبين كيفن شيئا من العداوة, فأخبرت الشركة عن ما حدث وأخبرتهم بإسم كيفن الذي تم إلقاء القبض عليه ومحاكمته. وبالرغم من أن كيفن لم يستخدم أي بطاقة ائتمانية حصل عليها أثناء اختراقه وكذلك لم يبع اي برنامج مملوك استطاع أن يحصل عليه بعد اختراقه فقد كان الهدف من كل اختراقاته هو المتعة وهذا الأمر لم يستطع أن يستوعبه القاضي الذي يحاكم كيفن وظن أنه قد يحصل على المال من طرق أخرى لا يعرفها. ولأن كيفن في ذلك الوقت كان مراهقا فقد أرسله القاضي إلى سجن للأحداث California Youth Authority لمدة 3 أشهر وبلغ سن 18 وهو هناك. وبعد انتهاء مدته أخلي سبيله ولكنه ظل تحت الملاحظة. في نهاية العام 1982 تم إلقاء القبض عليه مرة أخرى لخرقة لفترة الملاحظة ولكن لحسن حظة بأنه عندما كان تحت الملاحظة كان هذا القرار صادرا من محكمة خاصة للأحداث ولا تزال أحكامه سارية, فحكم عليه بالسجن لثلاث سنوات و8 أشهر وهي أقصى مدة يمكن أن يحكم بها.

وأثناء فترة سجنه قضى الكثير من الوقت في مكتبة السجن والتي احتوت على مجموعة أعجبته من كتب القانون فصب عليها جل وقته. ولحسن حظه أنه أعطي إفراجا مبكرا بعد 6 أشهر فقط.

بعدها قرر كيفن أن يبحث عن وظيفة, فالتحق بإحدى المدارس لمدة 6 أشهر ليحصل على شهادة تؤهله لأن يتوظف في شركة General Telephone وخلال تلك الفترة كان كيفن مستمرا في لعب الفأر والقطة مع شركات الإتصالات ومن خلال إحدى اختراقاته تمكن من الاستماع إلى مكالمة خاصة في وكالة الأمن القومي بين اثنين من موظفيها, أي أن كيفن استطاع أن يتنصت على أكبر مؤسسة تنصت في العالم!!

بعد حصوله على الشهادة قدم على الوظيفة في شركة General Telephone, وهي إحدى الشركات التي كانت هدفا لإختراقاته لفترة طويلة, وبعد إجراء المقابلة عرضوا عليه وظيفة مبرمج. الوظيفة في شركة هواتف كانت بمثابة الحلم بالنسبة لكيفن, ولكن بسبب ماضيه مع الشركة تم فصله بعد 9 أيام فقط من توظيفه بعدما لاحظ أحد موظفي إدارة الأمن اسم كيفن الكامل على هويته واستغرب كيف أنه تخطى كل طبقات الحماية الخاصة بالشركة حتى تم تعيينه كمبرمج في الشركة وهو العدو الأول لها.
بعدها قدم على وظيفة بأحد البنوك, وبالرغم من أن البنك قبل توظيفه ولكن أيضا يعود ماضيه السابق ليعرقل حياته, ففي أول يوم له كتبت العبارة التالية على ورقة "رحبوا بزميلكم الجديد, كيفن ميتنك", لسوء حظ كيفن أن أحد الموظفين قد قرأ خبرا قديما حول اختراقات كيفن التي نشرتها الصحف, ولازال يتذكر اسمه. في اليوم التالي اتصل البنك على كيفن وسحبوا موافقتهم على توظيفه.

زواجه

أثناء دراسته في مركز تعليم الحاسوب التقى بفتاة جميلة تكبره بست سنوات, اسمها بوني. قابلها عدة مرات وكانت معجبة بقدراته على جمع المعلومات عن الأشخاص وبالرغم من أنه تعرف على أكثر من فتاة من قبل إلا أنه يعتبر علاقته مع بوني هي أول علاقة جدية وأول علاقة أبدى لها اهتمامه. وكان يقضي الكثير من وقته معها. بالرغم من بساطة الأشياء التي يفعلونها معا إلا أن قضاء الوقت معها كان يسعده كثيرا. ثم لم تمضي فترة طويلة ليقررا أن يعيشا معا.
ولأن كيفن ليست له وظيفة فقد قرر أن ينضم لأحد البرامج التي تقدمها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس, وفي كل مرة يخرج من المنزل يخبر بوني بأنه ذاهب لحضور فصوله الدراسية إلا أنه في الحقيقة كان يذهب لمنزل أحد أصدقاءه ليخترقا معا حتى طلوع الشمس! وفي الليالي التي لا يخرج بها كان يقضي ليله أمام الحاسوب باستخدام الخط الهاتفي الخاص لبوني وهي تقضي وقتها بالقراءة لوحدها أو مشاهدة التلفاز لوحدها ثم تذهب للنوم, كذلك وحدها.
بعد العيش معا لعدة أشهر شعرا بأنهما يريدان المضي في علاقتهما وبدئا في توفير بعض أموالهما تحضيرا للزواج. في تلك الأيام كان كيفن يقضي معظم وقته أمام شاشة الحاسوب محاولا اختراق العديد من شركات الهاتف. وكان يريد الحصول على نسخة من نظام يونكس ليعرف كيفية عمل هذا النظام. ومن خلال اختراقه لشركة SCO استطاع أن يحصل على نسخة يونكس مخصصة للحواسيب المنزلية موجودة على خوادم الشركة, فكان يتصل بالخادم بشكل يومي ليقرأ الشيفرة المصدرية للنظام.
في أحد الأيام عندما عادت بوني إلى المنزل ووجدت الفوضى في كل مكان اتصلت بكيفن تخبره بالذي حصل فسألها أن تتفقد مكان الأموال, لكنهما اكتشفا بأنها لم تكن محاولة للسرقة ولكن مجموعة من الشرطة جائت لتفتش المكان, وعندما أخبرته بأن حاسوبه وأقراصه غير موجودة أخبرها بأن تحضر له مجموعة من الثياب وتقابله. عندما قابلته هي وأمه وأخبرهما بأن المسألة ليست بتلك الخطورة لأنه فقط تجول في خادم الشركة ولم يمسح أو يخرب أي ملف حتى انه لم يحمل الشيفرة المصدرية للنظام أو أي ملف آخر. بالرغم من شعور بوني بالحزن وبأنه قام بعمل ماكان ينبغي له أن يفعله إلا أنها وقفت بجانبه.
الشركة رفعت فضية على كيفن تطالبه بمبلغ 1.4 مليون دولار وعلى بوني كذلك. ولكن لحسن حظ كيفن بأن الشركة وافقت على أن تتنازل عن القضايا إذا أخبرهم بالكيفية التي اخترق بها حاسوبهم ﻷنهم لم يتمكنوا من معرفة كيف اخترقهم. ثم تنازلت الشركة عن القضية. واحتفل كيفن بزفافه من بوني فور انتهاء هذه المشكلة.




اختراق شركة DEC

بالرغم من هذه المشاكل التي جلبتها اختراقاته له ولبوني إلا أن كيفن لم يتوقف عن الاختراق, حتى بعد زواجه. هدفه الجديد هو شركة Digital Equipment Corporation. فحاول الحصول على الشفرة المصدرية لنظام VMS لدراسته ولإيجاد ثغرات أمنية فيه. وتمكن من اختراق حواسيب الشركة والحصول على الشفرة المصدرية للنظام وفي ذلك الوقت كان هناك شخص يدعى Andy Goldstein اشتهر بخبرته حول أنظمة التشغيل ولعلم كيفن بأن أندي يعمل على الأمور الأمنية الخاصة بنظام VMS فقام بإختراق بريده الإلكتروني لعله يجد بعض الثغرات الأمنية التي ليست متاحة بشكل عام, ووجد الكثير منها في بريده وعلم أيضا عن جهود فريق من الهاكرز الألمان معروفين بإسم Chaos Computer Club قد صمموا مجموعة من الأدوات التي تساعد على الاختراق والتحكم بنظام VMS فتواصل معهم وحصل على مجموعة من الأوراق التي تشرح بعض أساليبهم في اختراق النظام والتي لم تكن منشورة بشكل عام في ذلك الوقت. فبنى على عملهم وأضاف المزيد من الوظائف على برامجهم. لكن اختراقاته لم تدم طويلا فما لبث أن قام صديقه Leonard DiCicco الذي كان كيفن يخترق حواسيب شركة DEC من خلال استخدامه لحواسيب شركة VPA التي يعمل بها ليونارد وأخبر مديره بذلك بسبب خلاف بينه وبين كيفن فما كان من المدير إلا أن أخبر شركة DEC بمن كان يخترق حواسيبهم طيلة الشهور الماضية. ودخلت الاف بي اي في الموضوع وألقي القبض على كيفن ميتنك...


ومن التهم التي وجهت له:
  • اختراق وكالة الأمن القومي والوصول إلى تعليمات برمجية سرية.
  • اختلاق قصة كاذبة حول خسارة بنك Security Pacific National Bank بعد سحب الموافقة على توظيفه.
  • التحرش وقطع خدمة الهاتف المستمر على الممثلة كريستي ماك نيكول.
  • اختراق حواسيب إدارة الشرطة ومسح بيانات اعتقالاته السابقة.

كلها أنكرها كيفن. فما اعتبروه تعليمات برمجية سرية ما اهو الا معلومات Whois عامة. أما عدم وجود بياناته في حواسيب إدارة الشرطة فكان تقصير من الشرطة أنفسهم في أداء واجبهم فلم يأخذوا بصمات كيفن ولم يصوروه أثناء اعتقاله. أما قصة التحرش فما هي إلا إشاعة زاد من انتشارها كتابة إحدى المجلات عنها. ولعل من أغرب ما تم اتهامه به هو بانه قادر على إطلاق صواريخ نووية من شبكة نوراد NORAD من خلال الاتصال بها والتصفير في الهاتف! فشبكة نوراد غير متصلة باي شبكة خارجية ولا تستخدم خطوط الهاتف العامة لإصدار واستقبال الأوامر. هذا الاتهام الغريب استخدمه النائب العام لكيلا يخرج كيفن بكفالة لأنه يشكل تهديد على المجتمع عندما يكون مسلحا بلوحة المفاتيح! نعم النائب العام استخدم عبارة مسلح!
بسبب هذه الإدعاءات المبالغ فيها تم حجز كيفن في الحبس الإنفرادي ﻷنه المكان الوحيد الذي ليس فيه هاتف يمكن أن يستخدمه كيفن لأغراض سيئة. فكانوا يعتبرون الهاتف بالنسبة لكيفن كالمسدس في يد اي مجرم.
ولأن وجوده في الحبس الإنفرادي لم يكن بسبب سوء سلوكه أو خرقه لقوانين السجن, فكان مسموحا له قراءة الكتب والمجلات, وكتابة الرسائل والإستماع للراديو.
بالرغم من كل الذي كان فيه فما زال كيفن يحاول أن يستخدم بعض حيله الهاتفية!
سمح له بأن يهاتف فقط محاميه ووالده والدته وعمته وزوجته ويستطيع بأن يهاتف زوجته وهي في المنزل ولكن ليس على هاتفها الخاص في العمل والاتصال على أي رقم خارج هذه القائمة كان مستحيل, فأحيانا يريد أن يكلمها لكن لا يستطيع لأنها مازالت في عملها, وذات مرة ذهب ليجري مكالمة هاتفية فأخذه الحارس لمكان الهواتف بعدما أخبره بأنه يريد الإتصال بوالدته, أخرج الحارس دفتر الأرقام ليبحث عن رقمها واتصل بها وأعطى السماعة لكيفن ثم جلس بمسافة قريبة منه. أثناء محادثته لوالدته كان يتعمد حك ظهره ويواجه الحارس ليعتاد على رؤيته بالقيام بهذه الحركة, إلى أن انتهت مكالمته استمر بالحديث كأنه لازال يتكلم مع والدته واقترب من الهاتف ليغلق الخط من وراء ظهره ويدخل الرقم الذي يريد الاتصال به ولديه 18 ثانية فقط قبل أن يصدر الهاتف صوتا عاليا قد يسمعه الحارس. فاستمر كيفن في عملية حك ظهره والتظاهر بأنه لا يزال يتحدث مع والدته وإدخال الرقم الجديد بسرعة مع إلصاق السماعة إلى إذنه ليخفي صوت الرنين الناتج من إعادة إدخال الأرقام. عندما سمع كيفن صوت بوني شعر بقلبه يحلق وكان يصعب عليه جدا أن يضطر لأن يكلمها بنبرة هادئة كما كان يحدث والدته حتى لا يشعر الحارس بشيء. وحينها شعر بنفس الشعور الذي يشعر به عندما ينجح في إنجاز اختراق كبير. واستمر بالقيام بهذه الحيلة يوما بعد يوم!
بعد اسبوعين من قيامه بهذه الحيلة تم استدعاءه من قبل رئيس السجن ومجموعة من الحراس وسأله أحدهم: "كيف فعلتها يا متنك؟ كيف قمت بإعادة الإتصال بالهاتف؟"
تظاهر كيفن بأنه لا يعلم عن أي شيء, فلا فائدة إذا اعترف, وليثبتوا ذلك إن امتلكوا أدلة.
قال له رئيس الحراس: "كنا نراقب كل إتصالاتك. كيف كنت تتصل بالهاتف؟"
ابتسم كيفن وقال "أنا لست ديفيد كوبرفيلد, كيف لي بأن أقوم بإعادة الإتصال؟"
بعد يومين سمع كيفن ضوضاء في الخارج, كان فني الهواتف ينصب هاتفا جديدا في الرواق القريب من زنزانته, وفي المرة التالية التي طلب فيها إجراء مكالمة احضر الحارس الهاتف وكان طول سلك السماعة 20 قدم فإتصل بالرقم ومرر السماعة لكيفن من خلال فتحة باب الزنزانة ليمعنه من الإقتراب من الهاتف.
عمل محامي كيفن على إتفاق مع المدعي العام الفيدرالي بحيث يقضي كيفن سنة واحدة في السجن وأن يدلي بشهادته ضد Leonard DiCicco ووافق كيفن فتم إخراجه من الحبس الإنفرادي إلى السجن العام ثم نقل إلى سجن أفضل بكثير من الحالي وبعد 4 أشهر أخلي سبيله.

قبل خروج كيفن من السجن, طلب ضابط ملاحظة سلوك كيفن أن يفتش شقة بوني بحجة أنه يجب عليه أن يوافق على السكن المستقبلي لكيفن, بالرغم من أن بوني وقفت بجانب كيفن وساندته لأقصى حد إلا أن هذه كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير, فشعرت بأنها لا تقدر على تحمل المزيد وطلبت الطلاق. لكن كيفن اكتشف فيما بعد أنها تركته لتذهب مع أقرب أصدقاءه Lewis De Payne مما ضايقه جدا!

بعد خروج كيفن من السجن استبدل إدمانه على الإختراق بإدمان آخر وهو ممارسة الرياضة لساعات عديدة يوميا في النادي الصحي لعدة أشهر وفقد الكثير من وزنه وكان يشعر بشعور جميل في تلك الأيام بالرغم من أنه لم يمارس الاختراق ولو سأله أحد عن الاختراق لقال بأنه تركه وراء ظهره.. هذا ما كان يظنه في ذلك الوقت.


فيغاس

في عام 1991 ذهب كيفن إلى لاس فيغاس أثناء مؤتمر Consumer Electronics Show CES ووقتها كان يمتلك هاتف Novatel PTR-825 وأراد بأن يجري مكالماته الهاتفية بحيث يضمن أن لا أحد يستطيع التنصت عليها, ولا حتى الاف بي اي. وبالنسبة للهواتف النقالة فعند إجراء مكالمة يرسل الهاتف النقال الرقم التسلسلي الإلكتروني Electronic Serial Number ESN وهو رقم فريد لكل هاتف فيتم إرساله مع رقم الهاتف إلى أقرب برج خلوي وبهذه الطريقة تستطيع شركة الإتصالات التحقق من هوية المتصل والتأكد من أنه عميل شرعي. والفكرة التي كانت برأس كيفن هي بأنه إذا غير برمجة هاتفه بحيث يرسل رقم تسلسلي مع رقم هاتف لعميل شرعي آخر فستكون مكالماته آمنة. وكل محاولة لتتبع المتصل ستؤدي لشخص آخر غير كيفن.
فاتصل على شركة Novatel مدعيا بأنه أحد المهندسين من Fort Worth وأنه يتكلم من مؤتمر CES وسال أحد المهندسين في ما إذا كانت هناك إمكانية لتغيير رقم ESN من لوحة مفاتيح الهاتف؟
كان جواب المهندس بأنه لا يمكن, ولكن هناك نسخة من النظام تسمح بذلك إذا عرف الخطوات البرمجية السرية.
عندما سمع كيفن هذا الكلام عرف أنه سيعود مرة أخرى للإختراق.
فسأله كيفن كيف يمكنه الحصول على نسخة من هذا النظام, وأجابه المهندس بأنه يستطيع أن يرسل له شريحة ليستبدلها مع الشريحة الموجودة بهاتفه الحالي.
عظيم! فكر كيفن.
لكنه لم يكتفي بهذا, فسأله إن كان بإمكانه دمج 4 أو 5 شرائح EPROMs (وهي شريحة يدمج فيها نظام التشغيل). وكان جواب المهندس ببساطة "نعم".
ثم أجرى مكالمة مع متجر Circuit City للإلكترونيات وادعى بأنه موظف في شركة LA Cellular للإتصالات وبأن حواسيبهم التي تفعل الخطوط قد أصابها عطل ما وسأله ما إذا كان المتجر قد فعل أي خط تابع لشركتهم؟
أجابه الموظف بأنهم قد فعلوا 4 أرقام تابعة لشركتهم. فطلب منه كيفن أن يخبره بهذه الأرقام مع الرقم التسلسلي الإلكتروني الخاص بكل رقم ليتمكن من إعادة تفعيلها.
الآن كيفن يمتلك 4 أرقام يستطيع استخدامها ليخفي مكالماته.


إريك هاينز ونظام SAS

بعد فترة تلقى كيفن مكالمة من أخيه يخبره فيها أن صديقته تعرف هاكر كبير يدعى Eric Heinz وقد قال لها بأنه يريد أن يتحدث مع كيفن. وعندما تواصل كيفن معه وجد بأن لديه معلومات جيدة حول شركات الهواتف وبأنه على علاقة بالهاكر الشهر Kevin Poulson وقال له بأنهما قد تمكنا معا من اختراق نظام SAS.
لم يسمع كيفن عن هذا النظام من قبل, وهو نظام لمراقبة الهواتف يتيح إمكانية التنصت على أي هاتف. أراد كيفن أن يصل لهذا النظام ولكن إريك غير الموضوع عندما بدأ كيفن يسأله المزيد من التفاصيل حوله!
مباشرة في اليوم التالي بدأ كيفن يجري أبحاثه حول هذا النظام وقام بالعديد من الاتصالات لشركة Pacific Bell ليتوصل لأشخاص يعملون على نظام SAS. وتمكن في نهاية المطاف بإستخدام حيله في الهندسة الإجتماعية من الحصول على ملف التعليمات الخاص بالنظام وعرف كيفية عمله ونجح في اختراقه.
بعد ذلك حاول كيفن معرفة المزيد عن إريك الذي كان يتصرف بغرابة, مثل سؤاله عن ماهي أهدافه الحالية في الاختراق ومع من يتواصل مؤخرا وكذلك رفضه لإعطاء كيفن رقم هاتفه الخاص.

واكتشف كيفن فيما بعد بأن هاتف والده تتم مراقبته! وقد كان يستخدم هذا الهاتف للإتصال بالانترنت بالرغم من منعه من الدخول للإنترنت, وللتواصل مع زميله الهاكر لويس. بعد أن علم بأن الخط مراقب طلب من والده أن يخرج الحاسوب من المنزل وطلب من لويس إخفاء أقراصهم في مكان سري, بحيث يتم إخفاء كل الأدلة. وامتلأ خوفا من العودة للسجن.

وفي لقاء كيفن ولويس مع اريك قال له لويس بأن لديه هدية له, وأخرج قرص مدمج أدخله اريك في حاسوبه, وبعد لحظات قليلة ظهرت على الشاشة قائمة بكل الأوامر الخاصة في نظام SAS ومنها أوامر مخفية لا يعرفها حتى موظفوا شركة الهواتف. ولكنهما لم يتوقعا ردة فعل اريك الغاضبة, فعندما رأى هذه القائمة نظر لهما بدهشة وقال بنبرة عدائية: كيف حصلتما على هذا؟
مع استغرابهما من ردة فعله, ظنا بأنه قد شعر بالغيرة مما أنجزاه حيث توصلا لأشياء لم يتوصل لها. كان هذا بعدما أخبرهما عن هذا النظام بشهر واحد تقريبا. حاول كيفن أن يستخرج المزيد من المعلومات عن حقيقة اريك واستطاع أن يتوصل لمكان سكنه ورقم هاتفه الخاص, وبعد أن بحث ونقب وراءه اكتشف ما أثار دهشته. من بين الارقام التي اتصل عليها اريك من هاتفه الشخصي رقم مكتب الاف بي اي في لوس انجلوس! بعد أن علم ذلك تواصل مباشرة مع لويس ليخبره بإخفاء كل ما لديه من أقراص أو أوراق تتعلق بنظام SAS في الحال. واستمر في البحث عن المزيد من المعلومات حول اريك واكتشف بأن له العديد من الاتصالات مع عملاء من الاف بي اي إلى ان اكتشف لاحقا أن اريك نفسه عميل للأف بي اي!


الأف بي آي

صمم كيفن نظاما أدخل فيه قائمة بأرقام عملاء الاف بي اي, حتى إذا قام أحدهم بالاتصال من مكان قريب من سكنه يصل له تنبيه, وفي سبتمبر 1992 وصل له تنبيه بأن أحد العملاء يتصل بالهاتف العمومي القريب من منزل كيفن. شعر بالخوف, وتسائل لماذا يريد عميل الاف بي اي ان يتصل على رقم الهاتف العمومي القريب من منزله. بدأ كيفن يشعر بالفزع. لو أرادوا القبض عليه لأقتحموا منزله مباشرة فلماذا هذا الاتصال؟
علم كيفن فيما بعد أن الحصول على اذن تفتيش يتطلب وصف للمجمع السكني الذي يقطنه والمكان المحدد لشقته. كان وقتها في مكتبه فأخذ مقتنياته الشخصية وذهب مسرعا لسيارته والخوف يملؤه من أن يسمع أحدا يصرخ به "كيفن سلم نفسك!". واتصل على لويس مخبرا إياه بأن الاف بي اي قادمون. ثم توجه لشقته وبدأ بمسحها وحمل كل ما وجده من اقراص أو أوراق وذهب بها لأحد أصدقاءه ليخبئها عنده. تلك الليلة حجز في غرفة بأحد الفنادق الرخيصة القريبة من منزله وذهب صباحا لعمله وكان يرقب الطريق لأي سيارة من نوع فيكتوريا تتبعه أو لأي شخص يتصرف بطريقة مريبة. لكنه لم يرى شيئا ومر يومه على خير. أثناء عودته للمنزل اشترى دزينة من الدونت وكتب عليها "دونت الاف بي اي" وكتب نفس العبارة على باب الثلاجة. كان هدفه أن يغيضهم إذا علموا بأنه لا يعلم فقط بأنهم سيداهمونه بل إنه كان يعلم بالتحديد متى سيأتون إليه.
في صبيحة يوم 30 سبتمبر 1992 استيقظ على صوت مفتاح يحاول أحدهم أن يفتح به باب شقته, استغرب استعمالهم للمفتاح فالاف بي اي في العادة يقتحمون مباشرة فصرخ "من هناك؟"
وجاءه الصوت من الخارج "الاف بي اي, افتح الباب". وفكر بأنه سيعود مرة أخرى للسجن.
دخل الاف بي اي للشقة وبدؤا بتفيش كل بقعة فيها, حتى أنهم فتشوا الثلاجة لكن أحدهم لم يعلق على عبارة "دونت الاف بي اي" ولم يمسس العلبة أحد! طبعا كيفن قد أزال كل شيء قد يستخدم كدليل ضده فلم يجدوا شيئا يفيدهم في قضيتهم. لكن ما أثار استغرابه بأنه وأثناء تفتيشهم للشقة سأل أحدهم ما إذا كان تحت الاعتقال فقال له لا. طبعا كيفن لم يصدق في البداية, فقال بأنه ذاهب إلى منزل أبيه بما أنه ليس تحت الإعتقال. فتبعه ثلاثة من المحققين إلى سيارته وقاموا بتفتيشها ووجدوا فيها مجموعة من الأقراص التي أهملها كيفن مما أفرحهم كثيرا وبعد إنتهائهم من تفتيش السيارة فتحوا الابواب وجلسوا بالداخل.
فسألهم كيفن "مالذي تفعلونه؟"
قالوا بإنهم سيذهبون معه لوالده. فرفض اصطحابهم معه, والذي أثار دهشته أكثر أنهم وافقوا وخرجوا من السيارة ولكنهم تبعوه بسياراتهم. وبعد وصوله لمنزل أبيه قال لهم بأنه قرر أن يذهب لمحامي قبل التحدث معهم, كان كيفن يريد أن يوحي لهم بأنه قد يتعاون معهم, وما إن ذهبوا توجه كيفن لمقر عمله ليزيل اي دليل ضده.


الهروب



في أواخر شهر ديسمبر من نفس العام حاولت مجموعة من المحققين إلقاء القبض عليه, ولكنه تمكن من الفرار منهم لتبدأ رحلته في التخفي.
بدأ كيفن في تزوير هوية جديدة له ليتمكن من الاختفاء والبدء بحياة جديدة في مكان آخر.ولحسن حظه أنه قرأ (خلال الساعات الطويلة التي قضاها في المكتبة في مراهقته) كتاب "The Paper Trip" الذي يشرح بالتفصيل كيفية الحصول على هوية جديدة. فاستخرج  اسما جديدا ورخصة قيادة وتوجه للعيش في مدينة دينفر بولاية كولورادو واستطاع أن يجد وظيفة بعد أيام قليلة من خلال إعلانات الصحف.
أثناء وجوده في دينفر كان يتواصل مع صديقه لويس والذي أخبره بأن أحد أصدقاءه قد أعطاه صلاحيات على حاسوبه الذي يعمل على نظام التشغيل Sun ومرر هذه المعلومات لكيفن لعله يستطيع أن يحصل على صلاحيات مدير نظام. وقد أعجبته الفكرة خاصة وأن صديقه يتعامل مع شركة صن وقد يكون له صلاحيات للدخول عن بعد لحواسيب شركة صن مما قد يتيح لكيفن اختراق الشركة خلال الدخول على حاسوبه. وجد كيفن أن حاسوبه ليس محدثا واستطاع باستخدام بعض الثغرت أن يحصل على صلاحيات مدير النظام. وخلال تجوله في حاسوبه لاحظ أن أحد البرامج التي يستعملها كانت برنامج Crack لفك تشفير كلمات المرور ولم يأخذ وقتا طويلا ليكتشف أنه كان يستخدم هذا البرنامج لفك تشفير كلمات مرور مجموعة المهندسين في شركة صن. طبعا كيفن أخذ نسخة من كلمات المرور التي تم فك تشفيرها وهو غير مصدق لما وجد, كأنه وجد كنزا! ثم بدأ بالتنقيب في بريده ووجد المعلومات التي يحتاجها ليتصل بخوادم شركة صن. واستطاع أن يعرف اسم المستخدم الخاص فيه على خادم شركة صن واستطاع أن يحصل على صلاحيات مدير النظام على خادم الشركة باستخدام نفس الثغرة التي استخدمها في حاسوب سابقا على حاسوب صديق لويس, حيث أن خادم شركة صن لم يتم تحديثه لحمايته من هذه الثغرة! فأنزل باب خلفي في الخادم يضمن له الدخول مستقبلا بصلاحيات مدير النظام. واستطاع أن يحصل على الشفرة المصدرية لنظام SunOS.

بعد نجاحه في اختراق شركة صن وحصوله على الشفرة المصدرية لنظامها كان هدفه التالي هو شركة Novell والحصول على الشفرة المصدرية لنظام NetWare وكانت شركة نوفل تستخدم نظام SunOS كجدار ناري وبوابة لشبكتها firewall gateway واستطاع من اختراقها ومن خلالها وضع برامج تسجل كلمات مرور المستخدمين حال دخولهم لهذا النظام واستطاع أن يحصل على كلمات مرور لمستخدمين على الخودام الأخرى في شركة نوفل لكن كل المستخدمين الذين حصل على كلمات المرور الخاصة بهم لم تكن لهم صلاحية الدخول على الشفرة المصدرية لنظام NetWare فاستخدم مهاراته في الهندسة الإجتماعية لخداع أحد مبرمجي الشركة ليرسل له النظام, وتمكن من الحصول عليه.

كيفن لم يتوقف عند هذا الحد ولم يكتفي باختراق هذه الأسماء العملاقة في عالم التقنية. وفي ذلك الوقت انتجت شركة موتورولا هاتفا محمولا صغير الحجم مقارنة لحجم الهواتف المتنقلة في ذلك الوقت وهو هاتف MicroTAC Ultra Lite وكان متضمنا لنظام مختلف عن بقية الهواتف الأخرى, كيفن يريد أن يحصل على هذا النظام!
حاول كيفن أن يتواصل مع مدير المشروع الخاص في هذا الهاتف وتم تحويله بين عدة موظفين بالشركة ونجح في نهاية المطاف من أن يخدع إحدى الموظفات لترسل له الشفرة المصدرية للنظام.
ثم جاء دور أكبر شركة مصنعة للهواتف, نوكيا.
قام كيفن بمحادثة أحد موظفي نوكيا في مقر الشركة في فنلندا مدعيا بأنه يعمل في فرع الشركة في أمريكا وطلب منه الشفرة المصدرية لنظام هاتف Nokia 121. كيفن لم يكتفي بهذا فكان يريد الدخول على الشبكة الخاصة لنوكيا في فنلندا, فاتصل على أحد مكاتب الشركة في إنجلترا وادعى بأنه موظف في الفرع الأمريكي للشركة ويحتاج أن يرسل ملفا مهما لفنلندا ولكنه يواجه مشكلة في الاتصال. فأعطته صلاحيات للدخول على أحد حواسيب الشركة بفنلندا ولكنه لم يتمكن من الحصول على كل ما يريده خاصة وأن الشركة أوقفت الدخول لحواسيبها عن بعد بعدما لاحظوا أن أحدا ما يحاول أن يخترق شبكتهم. ولكن كيفن يريد الشفرة المصدرية لأحد أنظمة نوكيا التي لاتزال تحت التطوير, فتواصل مع أحد مطوري نوكيا ليرسله خلال الFTP ولكن الشركة منعت أيضا إرسال الملفات لخارج شبكتها فكانت الوسيلة الوحيدة للحصول عليه هي بإرساله خلال شريط Tape إلى مكتب نوكيا في ولاية فلوريدا, وفي الوقت المحدد لوصول البريد اتصل كيفن بمكتب البريد ليعرف ما إذا كان طرده وصل أم ولا, ولاحظ أنه يتم تركه لفترة طويلة على الانتظار وقالت له موظفة البريد معتذرة عن فترات الانتظار الطويلة بأن عليها أن تدقق النظر على الحزم الموجودة.
عباراتها "تدقق النظر" لفتت انتباه كيفن وبدأ يشك في ما إذا كان هناك من ينقب وراءه. حينها اتصل كيفن بصديقه لويس طلبا لمساعدته وقام لويس بالاتصال على مكتب البريد مدعيا بأنه رئيس شركة نوكيا في الولايات المتحدة وطلب إرسال الطرد إلى فندق رمادا القريب من مكتبه, وقام كيفن بالاتصال بالفندق لحجز غرفة فيه مخبرا الفندق بأن هناك طردا بريديا سيصل له. وعندما اتصل في اليوم التالي على الفندق ليتأكد من وصول الطرد لاحظ أن الموظفة مرتبكة ووضعته على الانتظار لمرات عديدة قبل أن تجيبه عندما يسأل عن أي شيء متعلق بالطرد, فسألها كيفن "هل الطرد أمامك الان؟"
قالت "نعم"
سألها "ماهو رقم المتابعة؟"
فبدل أن تعطيه الرقم الموجود أمامها وضعته على الانتظار, فلم يحتاج كيفن للكثير من الذكاء ليعرف أن هناك شيئا خطيرا يحدث. نسيان الطرد وتركه هو الخيار الطبيعي في مثل هذه الحالة ولكن كيفن كان يريد الحصول عليه بأي طريقة, فقد أمضى الكثير من الجهد ليتم إرسال هذا الطرد, ولكن في الوقت نفسه قد يكون هذا كمين للإيقاع به.
بعد نصف ساعة من التفكير اتصل كيفن بالفندق مرة أخرى وطلب محادثة المدير, قال له كيفن:
"أنا ويلسون عميل الاف بي اي الخاص, هل أنت على دراية عن الوضع الخاص بك؟"
كان لدى كيفن توقع قليل بأن يقول له لا أدري مالذي تتحدث عنه, ولكن المدير قال له:
"بالطبع! الشرطة تراقب المكان بالكامل"
فتأكدت شكوك كيفن.

في تلك الأثناء سمع كيفن أن شركة DEC أصدرت هاتفا جديدا, لم يهتم كثيرا بالهاتف قدر اهتمامه في الشفرة المصدرية لهذا النظامه, فكان هدفه القادم. شركة DEC Electronics هي شركة يابانية وفي الثقافة اليابانية درجة الثقة عالية مما سهل على كيفن عمل الهندسة الإجتماعية مع موظفي الشركة حيث استطاع أن يقنعهم لإرسال بعض الملفات له بسهولة لكنه لم يكتفي بذلك بل قرر بأنه يريد الحصول على الشفرة المصدرية لكل أنظمة الشركة التي تباع في الولايات المتحدة الأمريكية فاخترق خوادم الشركة وبعد أيام وجد رسالة في أحد خوادم الشركة لأحد الموظفين يقول فيها بأن الاف بي اي قد اتصلوا لأنهم لاحظوا وجود بعض ملفات الشركة في أحد الخوادم التي تراقبها الاف بي اي في لوس أنجلوس. فأدرك كيفن أن الاف بي اي كانت تراقب أيضا التنقلات الأخرى التي كان يجريها في ذلك الخادم.

كان كيفن يقضي الكثير من الوقت باستخدام هاتفه النقال, أحيانا يقضي فترة استراحة الغداء كاملة باستخدام الهاتف, في الوقت الذي كانت الدقيقة تكلف دولار, كان قضاء كل هذا الوقت على الهاتف يثير العديد من علامات الاستفهام حوله. مما دعى مسؤولته أن تظن بأنه يستغل ساعات العمل لينجز أعمالا لجهات أخرى وانتهى به الحال إلى أن تم فصله من العمل في نهاية ربيع 1994 أي بعد أكثر من سنة, فاختار أن ينتقل لمكان آخر بهوية جديدة, وكانت ولاية سياتل هي وجهته الجديدة.


سياتل

في صبيحة أول يوم بعد وصوله سياتل رن جهاز البيجر الساعة 6 صباحا مما افزعه جدا, كانت والدته تتصل به, وعندما كلمها طلبت منه قراءة صحيفة نيويورك تايمز لأنهم وضعوا خبرا عنه بالصفحة الأولى, ارتاح كيفن قليلا عندما علم بأن هذا كل ما في الموضوع, فالأمر ليس بتلك الخطورة. ولكن بسبب تغطية الصحافة لموضوع كيفن والإشارة لعجز عملاء الاف بي اي من الأطاحة به جعلت قضية الإمساك به أولوية لهم.

في أحد أيام شهر أكتوبر 1994 فيما كان كيفن ذاهبا للغداء ويتحدث بهاتفه النقال وإذا به يسمع صوتا خفيفا لهليكوبتر من بعيد ويرتفع الصوت تدريجيا حتى صار عاليا جدا وكانت الهليكوبتر قريبة منه ومنخضة كأنها تريد الهبوط وأثناء سيره ظلت الهليكوبتر فوقه على علو منخفض مما أفزعه وبدأ بالتفكير فيما لو كانت تتبعه. شعر كيفن بتوتر شديد وأول ما فعله أنه ركض بسرعة محاولا الابتعاد والاختباء وكان أحيانا يسمع صوت الدوريات من بعيد فينحرف في أقرب زقاق حتى وصل إلى أحد الشوارع المزدحمة ودخل أحد المحلات وهو يشعر بالراحة لعدم سماعه صوت الهليكوبتر وأجرى إتصال بهاتفه النقال ولم تمضي سوى 5 دقائق حتى بدأ يسمع صوت الهليكوبتر يرجع مرة أخرى فأدرك أنهم يتتبعونه من خلال تتبع اتصاله الهاتفي, فأغلق هاتفه.

في تلك الأثناء كان هناك هاكر يدعى مارك لوتر لديه شركة تبيع منتج يسمح للهاكرز من إجراء التعديلات على أنواع معينة من الهواتف النقالة. كان البعض بعتقد بأن لوتر يمتلك الشفرة المصدرية لهذه الهواتف فيما يعتقد آخرون بأنه عمل هندسة عكسية لها. أجرى كيفن بحثه حول لوتر ومن المعلومات التي وجدها اسم صديقته ليلي إيلام وهي تعمل في شركة صن. كان هذا شيئا جيدا لكيفن كونه لا يزال يمتلك صلاحيات دخول لشبكة صن الداخلية. ولم يأخذ منه وقتا طويلا حتى قام بإختراق حاسوب ليلي الخاص في شركة صن ووضع فيه برنامج يلتقط كلمات المرور فيما إذا حاولت الدخول على أحد الحواسيب الأخرى من خلال هذا الحاسوب, أملا بأن تقوم بالدخول على الحاسوب الخاص بمارك أو على حاسوبها المنزلي. واستطاع أن يحصل على كلمة المرور الخاصة فيها على حاسوب مارك. بحث في حاسوب مارك عن أي ملفات تحتوي على الشفرة المصدرية لأنظمة الهواتف فلم يجد شيئا, فقد كان مارك يقوم بالهندسكة العكسية على هذه الأنظمة بمساعدة هاكر اخر يدعى تسوتومو شيمومورا.




عندما اخترق كيفن شبكة صن لاحظ أن شيمومورا يعمل على ايجاد ثغرات أمنية في نظام SunOS ويرسلها للشركة فكان كيفن يريد أن يحصل على المزيد من هذه الثغرات فاستهدف خادم شيمومورا واخترقه لعدة أيام حتى اكتشفه شيمومورا وحاول ملاحقته بلا جدوى ومنذ ذلك الحين كان شيمومورا يحاول الإطاحة بكيفن.

في تلك الأثناء اقتحمت شرطة سياتل شقة كيفن أثناء تواجده خارجها وعندما عاد إلى شقته وعلم بذلك أول ما خطر بباله أن يهرب خارج سياتل ويغير هويته. لحسن حظه بأن الشرطة عندما كانت تبحث عنه لم تكن تبحث عن الهاكر المطلوب للاف بي اي بل كانت تبحث عن الشخص الذي انتحل كيفن هويته بسبب إجراءه لإتصالات هاتفية غير قانونية. وكانت وجهته التالية إلى ولاية نيفادا.

في نهاية عام 1994 قرر كيفن أن يذهب إلى مدينة دينفر لقضاء عطلة الكريسماس هناك, وفي تلك الأثناء كان يتواصل مع هاكر إسرائيلي يلقب بـ JSZ تعرف عليه خلال برنامج المحادثة IRC وكانا يتبادلان المعلومات عن الثغرات الأمنية التي يمتلكانها والشبكات التي اخترقاها وقد أخبره كيفن عن اختراقه السابق لحاسوب شيمومورا والمعلومات المتعلقة بهاتف OKI التي وجدها فيه. وفي يوم الكريسماس اتصل كيفن على JSZ وقال له الأخير بأن لديه هدية وهي أنه اخترق حاسوب شيمومورا وحصل على صلاحيات مدير نظام, كانت هذه أجمل هدية كريسماس بالنسبة لكيفن فتوجه مسرعا لفندقه واتصل بحاسوب شيمومورا من اللابتوب. فقام بالبحث عن الملفات التي يريدها وأرشفتها وضغطها لينقلها لحاسوب آخر. وكمية البيانات التي نقلوها كانت 140 ميقابايت. كان شيئ ممتع بالنسبة لكيفن بأن بخترق حاسوب خبير أمن المعلومات تسوتمو شيمومورا. بسبب عجلتهم في نقل الملفات من حاسوب شيمومورا لم يتنبهوا بأن شيمومورا كان يستخدم برنامج يرصد حركة البيانات في الشبكة وبأن هناك برنامج آخر يرسل ملفات الدخول إلى حاسوب آخر كل فترة معينة من الزمن.
تلك الساعات التي قضاها كيفن في اختراق حاسوب شيمومورا أدت بالنهاية لإلقاء القبض عليه.

بعد أن استخرج كيفن هويته الجديدة قرر أن يذهب إلى ولاية كاورلينا الشمالية. لسوء حظه أن الشخص الذي انتحل هويته علم به وأبلغ عن انتحال هويته فلم يستطع كيفن أن يستخدم هذه الهوية بل كان عليه أن يستخرج هوية جديدة ويغير مكان سكنه.
في 7 فبراير 1995 تشكلت مجموعة هدفها إلقاء القبض على كيفن من بينهم شيمومورا الذي كان يراقب بعض الخوادم التي يتوقع أن يخترقها كيفن وبعد أيام قليلة تمكن بمساعدة شركة تقديم خدمة الإنترنت وشركة الإتصالات أن يعرف أن كيفن موجود في منطقة Raleigh فحجز أقرب طائرة إلى هناك. وقام باستخدام جهاز Cellscope 2000 ليتتبع الاتجاه الذي يصدر منه مكالمة كيفن.

في عيد الحب 14 فبراير عاد كيفن لشقته متأخرا بعد منتصف الليل وكان لديه شعور مخيف بأن هناك من يراقبه وفي الساعة 1:30 بعد منتصف الليل طرق بابه فسأل "من؟" جاءه الرد من خلف الباب "الاف بي اي!".
تجمد كيفن في مكانه, فتكرر طرق الباب فسأل "تبحثون عن من؟"
"كيفن ميتنك. هل أنت كيفن ميتنك؟"
قال كيفن "لا" قالها وهو يحاول أن يمثل بأنه منزعج, ثم قال "اذهبوا لتفحص الاسم المكتوب على صندوق البريد" فحل هدوء وفكر كيفن هل هم حقا أرسلوا شخصا ليتفقد صناديق البريد؟ هل يتوقعون بأنه سيكتب اسم "ميتنك" على صندوقه البريدي مثلا!؟
بعد فترة قليلة عاد طرق الباب من جديد, فصرخ كيفن "أنا نائم, ماذا تريدون؟"
قالوا له "نريد أن نسألك بعض الأسئلة"
رد كيفن "تعالوا في الغد حيث أكون مستيقظا"
حاول كيفن أن يفكر بأي وسيلة لإقناعهم بأنه ليس الشخص الذي يبحثون عنه, لكنه بعد فترة قليلة لم يجد حيلة إلا أن يفتح الباب.
سأله أحد المحققين "هل أنت كيفن ميتنك؟"
جاوبه "لقد قلت لكم أنه ليس أنا"
وبدأ بعضهم بتفتيش شقته, فسأل كيفن إن كان لديهم إذن بالتفتيش, رد عليه أحد المحققين "إذا كنت أنت كيفن ميتنك فإن لدينا إذن لإلقاء القبض"
وعندما سألوه عن هويته أخرج لهم هويته المزورة, وفي أثناء البحث وجدوا هاتفين نقالين مما أثار المزيد الشكوك لديهم. وخلال تفتيشهم لخزانة الملابس وجدوا ورقة في احد جيوب سترة التزلج مكتوب عليها اسم كيفن ميتنك فألقوا عليه القبض. مع أن كيفن قد أخذ احتياطه بشكل كامل إلا أنه لم ينتبه لهذه الورقة في جيب السترة لسنوات عديدة وهي الان انهت تخفيه لثلاث سنوات.



في سبتمبر 1996, أي بعد أكثر من سنة ونصف من اعتقاله تم توجيه 25 تهمة له منها الاحتيال (نسخ الشفرة المصدرية لبرامج مملوكة), امتلاك وسائل الوصول للأجهزة (الحصول على كلمات المرور), تخريب الحواسيب (خلال تركيب أبواب خلفية), والتجسس على كلمات المرور و تزوير رقم الهاتف. وقضى كيفن 5 سنوات في السجن حتى عام 2000 وظل تحت الملاحظة لثلاث سنوات لم يسمح له فيها بإستخدام الحاسوب.
وخلال فترة سجنه قام العديد من مؤيدي كيفن بحملة لإطلاق سراحه وخرجت العديد من المظاهرات من مؤيديه في أكثر من ولاية بل وفي خارج الولايات المتحدة الأمريكية.







وبعد أقل من شهرين من إطلاق سراحه طلب منه مجلس الشيوخ الأمريكي الحديث عن مدى الأمان في الحواسيب الحكومية. وبعدها بدأت تزداد عليه العروض للمشاركة في الحديث حول أمن المعلومات.


مازال كيفن يمارس الإختراق حتى اليوم, لكن هذه المرة يمارس الإختراق بشكل قانوني بما يعرف بالإختراق الأخلاقي وأسس شركة ميتنك للإستشارات الأمنية ليختبر مدى الأمان لدى الشركات التي تطلب منه ذلك.