رسالة إلى ابني الذي لم يولد بعد





إلى ابني الذي لم يولد بعد..


محبتي لك تدفعني للكتابة إليك


حياتي اتخذت مسارات مختلفة، كلما ظننت أنني وجدتني، أكتشف طورا جديدا مني. طفولتي حافلة بالتناقضات، ومراهقتي مليئة بالحماقات. ارتكبت الكثير من الخطايا.. تألمت وتعلمت, ندمت وفرحت.

أحب البدايات، وأهتم لجذور الأشياء.. لكل شيء سياق وسبب، ألا توافقني؟ لكن ثمة شيء غير مفهوم في هذا الوجود، فكلما تعمّقت فيه أكثر كلما اصطدمت بالمزيد من العبث.

السعادة بالنسبة لي مرتبطة ارتباطا وثيقا مع الحرية، فلا أتخيل حياة سعيدة في ظل أي نوع من التقيّد والعبودية.

لذلك قدِّس الحرية، حرية البحث عن المعنى الذي لن تجده. وحرية السير في الطريق الذي أنت من سوف يخلقه. وحرية اكتشاف المجهول والسعي وراء الفضول. وحرية اقتراف الأخطاء. وحرية التجربة. وحرية الرحيل.

قدّس الحرية، وتمرد.. افعل ثم اعتذر، لا تستأذن. اقرأ في الحانة واشرب في المكتبة. ابتكر مفرداتك التي لا تجدها في اللغة. قاوم الحروب المجنونة ولا تصدق نشرة الأخبار. الأرض شاسعة، ارتحل فيها ولا تنصاع لمشاعرك التي قد تعيقك عن بلوغ غاياتك.

حين لا يكون التمرد متاحا، تكيّف.. تكيّف مع مررت به في طفولتك. تكيّف مع طبائع حبيبتك. تكيّف مع المرحلة العمرية التي أنت فيها الآن. تكيّف على مداومة التعلم. تكيّف مع ما تحاصرك به الأقدار. وإن لزم الأمر, تكيّف مع الوحدة.

ابحث عن الحب.. وأتح لقلبك أن يختار؛ لا تندفع في حماقة وراء حب بعيد المنال، ولا في خبث وراء حب سهل النوال. فضميرك بوصلتك في الحياة، لن تحتاج إلى مرشد غيره. حاذر كلماتك، ووازن بين الجد والمرح. وعش كل لحظة بما يناسبها.

اعرف بالضبط ماذا تريد، وامضي في طريقك، وكل شيء سيكون على ما يرام.

العالم مليء بما هو غير متوقع؛
قد نلتقي.