لماذا لا تزال أعزبا؟ لعلك واقع تحت تأثير الاختيار





لماذا لا تزال أعزبا؟
لعلك واقع تحت تأثير الاختيار
بقلم: كلير وليامز
ترجمة: علي الصباح



في سنة ٢٠٠٠، أجرى الدكتورين شينا س. لينگر ومارك ر. ليپِّر تجربة، حيث وضعوا طاولة للتذوق في أحد متاجر كاليفورنيا الراقية. في أيام معينة، عرضوا ستة أصناف مختلفة من المربى، وفي أيام أخرى أربعة وعشرون صنفا. بالرغم من أن العدد الأكبر جذب عددا أكثر من المتسوقين، إلا أن الناس الذين ابتاعوا المربى ابتاعوها حين كانت هناك أصناف أقل على الطاولة. يبدو أنه كلما ازدادت الخيارات أمام الناس، تصير عملية الاختيار أصعب.

مفارقة الاختيار تكشف هذه المعضلة المزعجة، حيث نُصاب بالشلل كلما كان بحوزتنا خيارات أكثر تعددا, ويتعاظم فينا تأنيب الضمير الذي يتلو عملية الشراء. لكن ما الذي يعنيه ذلك حينما لا نكون نتسوق فحسب؟ ماذا عن حينما نقوم بأشياء أكثر أهمية... مثل اختيار وظيفة، منزل، أو -تنهيدة- شريك حياة؟...
إذا ما كنت تنصت إلى كلام معلميك حين يتحدثون مع والديك، أو تابعت برنامج الحي للسيد روجرز Mr. Rogers' Neighborhood، فقد تعلمت أنك ندفة ثلج مميزة وأن العالم كله بين يديك. لكن مع جيل يمتلك قدرا أكبر من الاختيارات عما سبق، كيف تستطيع أن تختار شيئا محددا بعدما تم تلقينك بأنك تستطيع الحصول على كل شيء؟


طماع؟

يعيش العشرينيون -والثلاثينيون- اليوم الحياة والحب بشكل مختلف عن الأجيال السابقة. تَفجُّر الخيارات المتوفرة يؤثر على رغباتنا وتوقعاتنا، ويدفعنا إلى إعادة تشكيل القرارات التقليدية. يتزايد نفور الشبان والشابات من اتخاذ قرار الإلتزام النهائي والزواج, وأحد أهم أسباب ذلك هو تلك الخيارات البراقة التي تتنافس لتحوز على انتباهنا -الصداقات، النجاح المهني، مسلسل ٣٠ روك، الأشخاص الذين يعيشون في العالم ولم ترتبط معهم بعلاقة بعد.
إذا كنت تحب الاختيارات وتظن أن العالم تحت تصرفك، فأنت طماع.
في ظل العالم الذي يمكنك فيه أن تحصل على عشرين وظيفة قبل حلول عيد ميلادك الحادي والثلاثين، يلزمك فيه أن تحافظ أكثر على الاستقرار في علاقاتك.
"تأثير الاختيار" The Choice Effect هو ذلك الوجع الذي يستقر في أمعائك حالما تنصرف النادلة بعد تسجيل طلبك لتشعر أنك تريد ما في طبق شخص آخر. تأثيره حقيقي، وهو ينعكس على حياتنا العاطفية.
كيف إذن يمكن تجاوز هذه المفارقة في العلاقات؟ بحق والدتك، دوّن بعض الملاحظات.

خمس وسائل لتطويع تأثير الاختيار:
١- المعايير
قبل قراري بالاستقرار مع جي، خطيبي الأرجنتيني الحالي، كانت هناك العديد من اللحظات المهمة التي شككت فيها من أساس علاقتنا. كمغتربين في بلاد بعضنا البعض، الحواجز اللغوية والثقافية لها طابع الديمومة. احتاج عدة سنوات ليستطيع تقبل أن في بلدي نتناول الأومليت للفطور -وليس للغداء- وسبب له انزعاجي الواضح لانفصال تيپِر وآل گور بالحيرة (حسنا، قد لا يكون ذلك لاختلاف الثقافات). لكن في أحد الأيام تفاعلت بشكل كبير مع أحد العبارات الفكاهية لجون ستيوارت، ثم حدث أمر سيء. أخبرني أن ذلك لم يكن مضحكا جدا. وحينئذ سألت نفسي: هل حقا يمكنني أن أقضي بقية حياتي في شرح التفاصيل الصغيرة لبرنامج ذا دايلي شو The Daily Show لشخص مبتدئ؟
الأمور التي لا تقبل النقاش كانت موجودة منذ البداية: الدولية internationalism، الروحانية، والطموح. بالرغم من أن جي كان يوافقني بشكل كبير في هذه الأمور، إلا أننا لم نكن نسخًا كاربونية من بعضنا البعض بأي شكل من الأشكال. هو يقضي مئات الساعات في السنة في التصوير، أما أنا فقد سافرت حول العالم خلال سنة كاملة من دون أخذ الكاميرا معي. لازلت لا أعرف ما إذا كان الصوت الجهير bass والقيثارة ذات الصوت الجهير bass guitar هما الشيء نفسه، لكن هناك ثلاثة منهم في فنائنا. لم أسمع قط عن مارادونا.

نقدم بعض التنازلات في حياتنا العاطفية - "مواطن ضعف" جي الثقافية تتعوض من خلال نقاط اتفاق أساسية. صرتُ أؤمن الآن، أن الرجل الذي لم يتذوق قط زبدة الفول السوداني يمكنه رغم ذلك أن يصبح أبًا رائعا. لذا فكر فيمَ تحتاجه. لكن ليس من خلال قائمة أمنيات لانهائية تتضمن على أن يكون شريكك الكامل يريد حضور المهرجان الغنائي المتنقل ليليث فير وبأن يشاركك في حبك لقدور نيتي Neti pots.


٢ التركيز:
مثلما غنى ستيفين ستيلز مرة: "أحب الذي أنت معه".
بعد أقل من سنة من بدء علاقتي مع جي، انتقلت إلى النصف الآخر للكرة الأرضية لدراسة ماجستير إدارة الأعمال. وبشكل سريع، تحول خليلي الرائع، والذكي، والوسيم إلى صورة في برنامج المحادثة الهاتفية سكايب. أثناء ذلك، كان حولي رجال حقيقيون بدماء حارة يلعبون اللاكروس. هذا العالم سوف يجرنا إلى اتجاهات متعددة، وعليك أن تحدد ماهي غنيمتك أنت وتضعها نصب عينيك. لا تتشتت أمام أي فتى أو فتاة لديهم ما يكفي من طاقة للمعاكسة. لا تنسي حفلة التشيلو الخاصة بخطيبك لأنكِ كنت لاهية في معاكسة بالفيسبوك مع الفتى الذي كنت مفتونة به في المرحلة الثانوية. أنا مع أن تفحص خياراتك بدقة، لكن حذار من أن تصاب بمتلازمة الكرة البراقة.


٣- البداهة:
هل حياتك المثالية تتضمن كوخا طينيا في نيكاراگوا مع شريك يمتلك قدر مساوٍ من الإثارة تجاه قردة الغابة؟ إذن لا تبحثي عن رجل من الوول ستريت. إذا كنتِ مسيحية محافظة بحيث أنتِ من الذين يفضلون الأحضان الجانبية، لا تلمحين من خلال التواصل بالعيون مع الهيبي الملحد القابع في المقهى المحلي. نعم، المختلفون يجذبون بعض. هكذا قالت پاولا عبدول. لكنهم لا يشكلون نجاحا طويل المدى. لا تقع في ظل علاقة لا تتوافق حتى مع شرط واحد من شروطك. قد تظن أن هذا هو مصيرك يتلألأ أمام ناظريك، إلا أنه مجرد دفقة أدرينالين. وقد يكون عشب البتشول هو الذي تسبب بتدفقه.


٤- وقت محدد
راقب عقارب الساعة. تذكر, أن تكون انتقائيا لا يعني أن تصير مشلولا. لذا اسأل نفسك -سواء كنت تنتقي زوج أحذية، خطة صحية، أو شريك حياة- "إلى متى يجب لهذه العملية أن تستغرق؟" هل ستوافق على ما يلي: يجب عليك أن لا تقضي أكثر من ساعة من حياتك في محل گاب GAP لتختار بين عطور عادية وليس أكثر من خمس سنوات لتختار شريك حياة؟ مثل أفضل صديقاتي، التي بعد علاقة دامت لسبع سنوات مع خليلها، اعترتها خاطرة مفاجئة، "كم من المعلومات التي يمكنني أن أجنيها أكثر من هذا؟" ثم اقترحتْ أن  يفرا إلى ڤيگاس ليتزوجا. ليس عليك أن تتقيد بهذا بشكل كلي، لكن سيكون من الجيد أن تأخذ خطوة إلى الوراء، تختار رقمًا (يمكنني أن أقترح سنتان)، وتشتري ساعة.


٥- اختر مسبقا
إذا دخلت متجرا للآيسكريم، ووجدت طفلا يطلب آيسكريم بسبعة أنواع مختلفة، ستخبره كم هو أحمق (أو قد لا تفعل، لأن هذا تصرف لئيم وهو لا يزال صغيرا). لا تكن ذلك الطفل. لا يفترض أن تحوز على كل شيء.
وحتى نكون عادلين، البوفيهات تكون في البداية ممتعة، لكن طبقًا يحتوي على باستا وبيتزا وصلصة رانش وحبوب فروت لوبس يفقد جاذبيته بعد فترة. لذا حدد.
ما يمنع الكثير منا من اتخاذ التزام تجاه شيء ما هو خوفنا من أننا حين نختار نكون قد أغلقنا الباب على سائر الخيارات الأخرى. لو تزوجنا آندي، فلن تربطنا علاقة مع چارلز أبدا. صحيح. لو صرنا مهندسين معماريين فلن نصبح أبدًا مدربين لحيوان ابن مقرض. أيضا صحيح. لكن، إذا اخترنا أن نكون مهندسين معماريين فسيكون لدينا مجموعة كاملة من الخيارات البراقة لنفكر فيها! هل نبني منزلا للكلاب أم للبشر؟ هل نصبغه أزرقا أم أحمر؟ هل يكون المبنى صغيرا، متوسطا، كبير؟
الإختيار لا يحد الخيارات -إنه فقط يغيرها. لذا كن حرا في اختيار تلك المدينة، تلك الوظيفة، شريك الحياة، مع علمك أن حتى الإلتزام يحمل معه مجموعة كاملة من الخيارات -أطفال/حيوانات أليفة/منازل حمراء أو زرقاء- التي نشعر من خلالها بالإثارة.

بالمناسبة، أنا اخترت لنفسي مهندسًا معماريًا. (هل ترى كم أنا مقيدة؟)