هدية الكريسماس لابنتي: لا أحد مدين لكِ بشيء



هاري براون



هدية الكريسماس لابنتي: لا أحد مدين لكِ بشيء
بقلم: هاري براون
ترجمة: علي الصباح


(نشرت هذه المقالة في عمود صحفي، وهي موجهة إلى ابنتي ذات التسعة أعوام)

إنه كريسماس، ولديّ المشكلة المعتادة في تحديد ماذا أهديكِ. أعرف أنكِ تحبين أشياء كثيرة - كتب، ألعاب، ملابس.
لكنني أناني جدًا. أريد أن أعطيك شيئا يبقى معكِ لأكثر من مجرد أشهر قليلة أو سنوات. أريد أن أعطيكِ هدية تذكركِ بي كل كريسماس.
لو أمكنني أن أعطيكِ شيئا واحدًا فقط، أريده أن يكون تلك الحقيقة البسيطة التي لزمني تعلمها عدة سنوات. هي كفيلة بأن تثري حياتكِ بمئات الطرق إن أدركتِها الآن. وهي قد تجنبك مواجهة الكثير من المشاكل التي يعاني منها من لم يدركها بعد.
هذه الحقيقة ببساطة هي:
لا أحد مدين لكِ بشيء.


أهميتها
كيف لهذه العبارة البسيطة أن تكون بكل هذه الأهمية؟ قد لا تبدو كذلك، لكن يمكن لفهم معناها أن يبارك كل جوانب حياتكِ.
لا أحد مدين لكِ بشيء.
تعني أن لا أحد يعيش لأجلكِ، يا صغيرتي. لأن لا أحد هو أنتِ. كل شخص يعيش لنفسه؛ أقصى ما يمكنه الشعور به هو سعادته الشخصية. حين تدركين أن لا أحد مدين لكِ بالسعادة أو بأي شيء آخر، ستتحررين من انتظار ما هو غير محتمل الحدوث.
تعني أنه لا يجب على أي شخص أن يحبكِ. إن أحبكِ شخص ما، فمرد ذلك وجود شيء مميز فيكِ يبعث فيه السعادة. ابحثي عن ذلك الشيء المميز فيكِ وعززيه، لتنعمين بقدر أكبر من الحب.
حين يسدي لكِ الناس خدماتهم، فمرد ذلك أنهم راغبون بعمل ذلك - لإنكِ، بشكل ما، تعطنيهم شيئا ذا معنى مما يجعلهم يريدون إرضائكِ، وليس لأن أحدهم مدين لكِ بأي شيء.
لا يجب على أحد أن يودكِ. أصدقائكِ لا يؤدون واجبًا حين يكونون معكِ. ابحثي عن ما يجعل الآخرين سعداء ليرغبوا في أن يكونون بقربكِ.
لا يجب على أحد أن يحترمكِ. بل قد يتصرف بعض الأشخاص معكِ بوقاحة. لكن لحظة ما تدركين أن لا شيء يلزم الآخرين لأن يلاطفوكِ، وقد لا يكونون لطفاء معكِ، ستتعلمين كيف تتجنبين أولئك الذين قد يؤذونكِ. لأنكِ كذلك لستِ مدينة لهم بأي شيء.


عيشي حياتكِ
لا أحد مدين لكِ بأي شيء.
أنتِ مدينة لنفسكِ لتجعلي منها أفضل شخص ممكن. لإنكِ إذا صرتِ كذلك، سيرغب الآخرون بأن يكونوا معكِ، سيرغبون في تقديم ما تريدين مقابل ما تقدمين لهم.
سيختار بعض الأشخاص بألا يكونوا معكِ لأسباب لا تخصكِ. حين يقع ذلك، ابحثي عن العلاقة التي تريدينها بعيدًا. لا تجعلي مشكلة شخص آخر مشكلتكِ.
لن تنتظرين المستحيل ولن تواجهين خيبة أمل حينما تدركين أن عليكِ اكتساب الحب والاحترام من الآخرين. لا يجب على الآخرين أن يشاركونك بممتلكاتهم، ولا حتى مشاعرهم وأفكارهم.
إذا فعلوا ذلك، فسببه أنكِ اكتسبتِ هذه الأشياء. ولديكِ ما يخولكِ للفخر في الحب الذي تتلقينه، ولاحترام أصدقائكِ لكِ، وللممتلكات التي اكتسبتيها. لكن إياكِ أن تعديها كأشياء مفروغ منها. إذا فعلتِ ذلك، قد تخسرينها. هي ليست حقوقا لكِ؛ يجب عليكِ دائما اكتسابها.


تجربتي
حمل ثقيل رفعته عن كاهلي حينما أدركت أن لا أحد مدين لي بأي شيء. كنت أظن لزمن طويل أن
هناك أشياء أستحقها، كنت أنهك نفسي - بدنيا وعاطفيا - في محاولة نوالها.
لا أحد مدين لي بسلوك أخلاقي، احترام، صداقة، حب، مجاملة، فهم. وحين أدركت ذلك، غدت كل علاقاتي مُرضية بشكل كبير. جعلت تركيزي في أن أكون مع أشخاص يريدون فعل ما أريد منهم فعله.
ذلك الفهم خدمني بشكل كبير مع الأصدقاء، شركاء العمل، العشيقات، الزبائن، والغرباء. كان يذكرني بشكل دائم بأنه يمكنني الحصول على ما أريد فقط إذا ما استطعت الولوج إلى عالم الشخص الآخر. يلزمني أن أحاول أفهم كيفية تفكيره، مالذي يجده مهمًا، ماذا يريد. حينئذ فقط يمكنني أن أطلب منه بالوسائل التي تجلب لي ما أريده.

وحينئذ فقط يمكنني أن أقرر إذا أردت أن تربطني علاقة مع شخص ما. ويمكنني حفظ العلاقات المهمة لأولئك الذين تجمعني معهم أشياء كثيرة.
ليس من اليسير حصر ما تعلمته طوال سنوات في كلمات قليلة. لكن ربما لو قرأتِ هذه الرسالة في كل كريسماس، ستتضح لكِ معانيها أكثر كل مرة.
أتمنى ذلك، أريد منك أن تفهمي هذه العبارة التي ستحرركِ أكثر من أي شيء آخر: لا أحد مدين لكِ بشيء.