أعلن استقلالك وابدأ حياة التجوال حول العالم

يقولون, في الواقع, الإنسان مصنوع من الرغبة. كما تكون رغبته يصير إيمانه. كما يكون إيمانه تصير أعماله. كما  
تكون أعماله يصير هو.
التعاليم العليا للأوبانيشاد  





مقتطفات من كتاب التجوال: دليل غير تقليدي لفن السفر طويل الأمد حول العالم
ترجمة: علي الصباح


من بين كل العبارات الصادمة التي يمكن لأحدنا أن يسمعها في الأفلام، هناك عبارة واحدة أنقذتني. لم تأتي من فلم كوميدي غير تقليدي، أو فلم خيال علمي مقصور على فئة معينة، أو فلم أكشن مثقل بالمؤثرات. أتت من فلم وول ستريت لأوليڤر ستون، حين أخبر شارلي شين --شخص واعد في البورصة-- خليلته عن أحلامه.


"أعتقد أني إذا ما تمكنت من تكوين كمية كبيرة من المال قبل بلوغي الثلاثين والخروج من هذا الصخب، سأتمكن من قيادة دراجتي النارية في أرجاء الصين."


حينما رأيت المشهد لأول مرة على الفيديو لسنوات مضت، كدت أقع من كرسيي من الذهول. في النهاية، شارلي شين أو أي شخص آخر يمكنه العمل لثمانية أشهر في تنظيف الحمامات وسيحصل على مايكفي من مال يتيح له قيادة دراجته النارية في أرجاء الصين. حتى لو لم يكن يمتلك دراجة نارية يمكن لشهرين إضافيين من دعك المراحيض أن يوفرا له مالا كافيا ليشتري واحدة في الصين.


الأمر المهم هنا، معظم الأمريكيين لن يجدوا في هذا المشهد أية غرابة. لأسباب ما، نرى السفر لفترات طويلة إلى بلدان بعيدة كحلم يعاود على التكرار، أو كإغراء شاده، لكننا لا نراه كشيء ينطبق الآن وهنا. عوضا عن ذلك --من باب التزامنا المجنون تجاه الخوف، والموضة، ودفع الفواتير الشهرية على أشياء لا نحتاج إليها بالضرورة-- نحتجز سفراتنا في مدد قصيرة، بشكل متلهف سريع. بهذه الطريقة، بينما نرمي ثروتنا من أجل فكرة مجردة نطلق عليها "أسلوب حياة"، يغدو السفر مجرد أمر كمالي آخر. تجربة مريحة ومغلفة نشتريها بنفس الطريقة التي نشتري فيها ثيابنا وأثاثنا.


منذ وقت ليس بعيد، قرأت أن ربع مليون دير ورحلات متعلقة بالرهبنة لفترات قصيرة قد حجزت من مكاتب السفريات للعام السابق. مزارات روحية من اليونان إلى التبت تحولت إلى جهات سياحية مزدحمة، وخبراء السفر يعزون هذا الازدهار إلى أن كثيري الإنجاز المشغولون بشكل دائم يسعون إلى حياة أكثر بساطة.


من دون شك، الأمر الذي لم يكترث أحد إلى الإشارة إليه هو ن شراء حزمة سياحية للحصول على حياة أكثر بساطة كمثل من يستخدم المرآة لينظر كيف يبدو في حين أنه هو في الحقيقة لا ينظر إلى المرآة. ما يُباع في الواقع هو الفكرة الرومانسية بحياة أبسط، و--كما أنك مهما حركت رأسك أو عينيك فلن يتيح لك ذلك رؤية نفسك عبر الزجاج-- رحلات الأسبوع أو العشرة الأيام لن تأخذك بعيدا عن الحياة التي تحياها في بلادك.


في النهاية، هذا الزواج القسري بين الوقت والمال كان دافعا لجعلنا نحيا نمطًا من التشبث. كلما ربطنا بين التجربة والقيمة المالية، كلما زاد اعتقادنا بأن المال هو ما نحتاج إليه لنحيا. وكلما ربطنا بين المال والحياة، كلما اقنعنا أنفسنا بأننا فقراء جدًا لنقدر على شراء حريتنا. مع هكذا طريقة تفكير، ليس بمستغرب أن الكثير من الأمريكان يظنون أن السفر عبر البحار لفترات طويلة خاص بالطلبة، أو الخارجين من ثقافات أخرى، أو للأغنياء جدا.


في الواقع, السفر لفترات طويلة لا علاقة له بالعوامل الديمغرافية --العمر، الإيديولوجية، الدخل-- بل مرتبط كل الإرتباط بالنظرة الشخصية تجاه الحياة. لا علاقة للسفر لفترات طويلة بأن تكون تلميذا جامعيا؛ بل أن تكون تلميذا للحياة اليومية. السفر لفترات طويلة ليس تمردًا على المجتمع؛ بل هو تصرف مبني على منطق سليم ضمن إطار المجتمع. السفر لفترات طويلة لا يحتاج إلى كمية كبيرة من المال؛ بل يحتاج فقط أن نمضي خلال العالم بشكل مدروس أكثر.


المضي في العالم بطريقة مدروسة كان دائما تقليدا يحترم الوقت، ومتوفر بشكل متوار تحت اسم التجوال. التجوال ينطوي على أخذ فترات إجازة ممتدة من حياتك الطبيعية --ستة أسابيع، أربعة أشهر، سنتين-- لتسافر حول العالم حسب شروطك أنت. التجوال أبعد من السفر، هو نظرة إلى الحياة. التجوال هو عبارة عن تسخير رفاهية وإمكانيات عصرالمعلومات لتوسيع خياراتك الشخصية عوضا عن زيادة ممتلكاتك الشخصية. التجوال عبارة عن البحث عن مغامرة داخل الحياة العادية، وحياة عادية داخل المغامرة. التجوال عبارة عن سلوك --اهتمام ودود تجاه الأشخاص، البلدان، والأشياء التي تجعل من المرء مستكشفًا بكل معنى الكلمة. التجوال ليس نمط حياة، وليس موضة عابرة. إنه فقط طريقة غير مألوفة للنظر إلى الحياة --تعديل في القيم تتبعه الأفعال. وكأي شيء، التجوال مرتبط بالوقت --بضاعتنا الحقيقية الوحيدة-- واختياراتنا لكيفية إنفاقه.


جون ميور مؤسس نادي سييرا (لو كان هناك متجول بالفطرة فسيكون هو) اعتاد على التعبير عن دهشته من المسافرين الأثرياء اللذين يأتون إلى حديقة يوسيميتي فقط ليسارعوا بالمغادرة بعد ساعات قليلة من التطواف. كان ميور يسميهم "فقراء وقت" --أُناس مهووسون بشدة في الاعتناء بممتلكاتهم المادية ووضعهم الاجتماعي بحيث لا يمكنهم توفير وقت ليستمتعون به بحق ببهاء برية سييرا الكاليفورني. أحد زوار ميور في حديقة يوسيميتي في صيف 1871 كان رالف والدو إيميرسون، الذي سارع في الذهاب لرؤية أشجار السيكويا، وقل عنها: "إنها أعجوبة أن نتمكن من رؤية هذه الأشجار ولا نزداد عجبا." حينما هرع إيميرسون مرتحلا بعد ساعات قليلة، مع ذلك، تفكر ميور بامتعاض في ما إذا كان هذا المتعالي المشهور قد رأى حقا الأشجار في المقام الأول.


بعد ما يقارب القرن، عالم الطبيعيات إدوين واي تيل استخدم أمثلة ميور ليندب نمط الحياة المتسارع للمجتمع الحديث. دوّن في كتابه "خريف حول أمريكا" الصادر عام 1956 "الحرية كما عرفها ميور، مع وفرة من الوقت، وأيام غير صارمة، ومدى متعدد من الخيارات… هكذا حرية تبدو أكثر ندرة، وأصعب على النوال، وتتباعد جيلا بعد جيل."


لكن رثاء تيل لتدهور الحرية الشخصية ليس سوى تعميم أجوف في عام 1956 كما هو الآن. كما كان جون ميور واعيا بذلك, التجوال لم يُنَضّم من خلال تعريف الناس المتقلب لنمط الحياة. عوضا عن ذلك، كان دائما خيارا شخصيا داخل المجتمع الذي كان باستمرار يستعدينا لعدم فعل ذلك.


هذا الكتاب عن العيش وفقا لهذا الخيار.



*****

المسافر الجيد لا يملك خطة محدد، ولا ينوي الوصول 
لاو تزو، طريق الحياة


متى تبدأ التجوال
التجوال مرتبط بأن تخفف قبضتك على ما يسمى بثوابت هذا العالم. التجوال مرتبط برفض تأخير السفر لوقت آخر في حياتك قد يكون أفضل. التجوال هو أن تأخذ بزمام أمور ظروفك عوضا عن أن تنتظر بسلبية لأن تحدد هي مصيرك. لذلك، السؤال عن كيف ومتى تشرع بالتجوال ليس سؤالا حقيقيًا بالمرة. التجوال يبدأ الأن. حتى لو كان الواقع العملي للسفر بعيدا لأشهر أو سنوات، التجوال يبدأ في اللحظة التي تتوقف فيها عن اختراع المعاذير، تبدأ بتوفير المال، وتنظر في الخرائط مع الشعور بارتعاش مخدر من إمكانية تحققه. إلى هنا، حقيقة التجوال تصير أكثر وضوحا كلما ضبطت نظرتك إلى العالم وبدأت في تقبل الريبة المنعشة التي يحملها السفر الحقيقي.

*****


البساطة
الفكرة التي تنطوي على أن الاستثمار المادي بشكل أو آخر أهم في الحياة من التطوير الذاتي --هو ذات الشيء الذي يؤول بالكثير إلى الاعتقاد بأن حياة التجوال غير ممكنة. كلما استظهرت الخيارات الحياتية من حولنا على هيئة خيارات استهلاكية، كلما تناسينا أن ثمة فرق بينهما. لذلك، أقنعنا أنفسنا أن شراء الأشياء هو سبيلنا الوحيد ليكون لنا دور في هذا العالم، فنستنتج بشكل خاطئ بأننا لن نكون أغنياء بما يكفي لشراء تجربة رحلة سفر طويل الأمد. لحسن الحظ، العالم لا يحتاج أن يصير سلعة استهلاكية. مثل السلامة البيئية، السفر لفترة طويلة ليس شيئا تشتريه، هو شيء تعطيه لنفسك. بالتأكيد، الحرية اللازمة للتجوال لم يكن تحديدها عائدًا على الدخل أبدًا. هي توجد خلال البساطة --الخيار الواعي في كيفية استخدام ما تملك من دخل. وخلافا للصور النمطية الشائعة, السعي وراء البساطة لا يستلزم أن تصير راهبا، أو أن تعيش على الكفاف، أو أن تقوم بثورة راديكالية. ولا يعني أنك يجب أن تتجنب بشكل لا واعي دور المستهلك. عوضا عن ذلك، البساطة تستلزم شيئا من التضحية الشخصية: تعديل على عاداتك وروتينك داخل المجتمع الاستهلاكي نفسه.


في النهاية، قد تكتشف أن التجوال بمبالغ قليلة هو طريقتك المفضلة للسفر، حتى لو توافرت لك خيارات أعلى سعرا. بالتأكيد، البساطة لا توفر عليك المال والوقت فقط، بل تجعلك أكثر إقداما على المغامرة، تجبرك على التواصل بصدق مع الناس المحليين، وتتيح لك الاستقلالية لتتبع شغفك وفضولك إلى طرقات جديدة. بهذه الكيفية، البساطة --في موطنك وخلال السفر-- تتيح لك الوقت للسعي في الحصول على معنى متجدد بسلعة غالبا ما تكون مهملة ولا تستطيع شرائها بأي ثمن: الحياة نفسها.



*****


أيها المسافر، 
ليس ثمة طريق، 
الطرق تشق بالمسير. 
أنطونيو ماكادوا


غيّر نمط حياتك
بينما تقيد الاتساع المادي في حياتك، تحتاج أن تتجرع مرارة كبح المشتريات الغير مهمة لنمط حياتك الأسبوعي. بشكل بسيط، أن تحيا أكثر تواضعا (حتى لو لم تكن متواضع) وتستثمر الفائض لتمويل سفرك. عوضا عن الأكل في المطاعم، اطبخ في البيت وجهز غدائك للعمل أو المدرسة. عوضا عن الاحتفال في النواد الليلية ومشاهدة الأفلام في السينما أو الذهاب إلى الحانات، استمتع في المنزل مع أصدقائك أو عائلتك. كلما سنحت لك فرصة للتلخص من عادة مالية، اقتنصها. الأموال التي ستتدخرها ستعينك بشكل كبير في سفرك، تناولتُ العديد من سندويشات المورتديلا (وفوّتُ الكثير من الحياة الليليّة في عز أيام فرقة الغرنج في سياتل) بينما كنت أوفر للتجوال بعد الجامعة --إلا أن الأشهر الثمانية التالية من الحرية في طرقات أمريكا الشمالية كانت أكثر من كافية.

هنا حيلة مرحة أستخدمها لتوفير المال: أتنازل عن بعض الرفاهية في بلدي، وعوضا عن ذلك أتخيل تجربة يمكنني فقط القيام بها حينما أكون مسافرا. عوضا عن الخروج لتناول ستيك من لحم، أتخيل السوشي الذي يمكنني تناوله في أوساكا. عوضا عن شراء غيتار آخر، أتخيل الغوص عند الشعاب المرجانية في الفلبين. الخيال أداة قوية. أستخدمه لأستمتع بكل الاحتمالات التي تنتظرني في رحلتي --ومحفظتي لم تتجاوز جيبي.


*****

قلّص ممتلكاتك
لعل أصعب خطوة لجعل الأشياء أبسط هي التخلص من الركام --تقليص ما تمتلكه. كما لاحظ ثورو، التقليل يمكن أن يكون أهم خطوة للفوز بحريتك وتغيير حياتك: "امتلك في ذهني ما يبدو ظاهريا على أنه ثروة, لكن الأكثر فقرا بشكل مريع من راكم نفايات لكنه لا يعرف كيف يتصرف بها، أو يتخلص منها، وهكذا يكون قد صاغ أغلاله الذهبية أو الفضية."

*****

حينما كنت صغيرا سألني خبير مالي كبير عما أريد أن أفعله عندما أكبر وقلت: "أن أسافر." أجاب: "آه! إنه مكلف كثيرا، المرء يلزمه الكثير من المال ليقوم بذلك". كان مخطئا. لأن هناك صنفين من المسافرين؛ الرحالة المستريح، حيث تحيطه غيمة من المصروفات الشرهة طوال الوقت، والرجل الذي غيّر نفسه واستمتع بالقليل من عدم الراحة كتغيير نمط الحياة.
رالف باگنولد، رمال ليبية


الأمتعة
ما الذي يجب علي التخطيط لأخذه معي أثناء السفر؟ أقل ما يمكن، نقطة. لا يمكنني التدليل كفاية على أهمية السفر خفيفًا. سحب حزمة هائلة من الخردة من مكان إلى مكان كفيل بإعاقة مرونتك وإحالة سفرك إلى جعجعة فارغة. للأسف، نمط الحياة في بلادك لا يمكنه أن يهيئك لكم من الأشياء القليلة التي تحتاج إليها في رحلتك. لذلك، أفضل ما يمكنك القيام به حين تقرر ما تحزمه هو أن تشتري --هذه ليست مزحة-- حقيبة سفر صغيرة. هذا الحزم القليل سيتيح لك الأساسيات فقط: دليل سياحي، زوج من النعل، أدوات النظافة الأساسية، أمور متعلة بالصحة (بما فيها كريم للشمس)، سدادة أذن تستخدم لمرة واحدة (للأماكن المزعجة) وهدايا صغيرة لمضيفك وأصدقائك المستقبليين. وبعض الملابس البسيطة والعملية, ,اخرى ملائمة للمناسبات الاجتماعية. كذلك مصباح يدوي صغير. زوج من النظارات الشمسية. حزمة ليوم كامل (لحمل أشياء أصغر حينما تترك الفندق) وكاميرا رخيصة. ثم --انظر للأسفل لتتأكد من امتلاكك لحذاء طويل أو قوي للمشي-- أغلق الحقيبة بقفل صغير وقوي. هذه قد تبدو كمية غير كافية للسفر, لكن ليس إذا أدركت أنك تسافر إلى عالم مليء بأناس لديهم نفس احتياجاتك اليومية. بالتأكيد حيثما تسافر ستجد كمية كبيرة من مستلزمات الحمام، ملابس إضافية، أقلام، دفاتر، محارم ورقية، مناشف، مياه معلبة، ومأكولات خفيفة --حتى لو لم تكن العلامات التجارية المنتجة مألوفة. أي مكان ممطر سيكون ممتلئ بالمظلات الرخيصة للبيع، وشبكات اصطياد البعوض ستجدها بسهولة في المناطق المليئة بالحشرات. الملابس الدافئة (بعضها تراثي جميل) بالتأكيد ستباع في كل مكان حيثما يكون المحل باردا. والتسوق لهذه الأشياء حين تحتاج إليها قد يغدو مغامرة بحد ذاته. كما في الكتب ذات العلاقة والخرائط، غالبا يسهل العثور عليها (باللغة الانجليزية) في الجهة التي ستسافر اليها مقارنة في بلادك.

*****



دع الأشياء تحدث
لا تضع حدودا لما يمكنك القيام به أو ما لا يمكنك القيام به. لا تضع حدودا لما هو جدير أو غير جدير بوقتك. تجرأ بأن تلعب ألعابا مع يومك: شاهد، انتظر، اسمع؛ دع الأشياء تحدث. أينما تكون، ليكن متجر للهدايا في الفاتيكان، قرية بين الأدغال في بنما، أو بقلب مدينة أوگادوگو --أعر انتباها لأدنى همهمة أو تفصيلة تحيطك. كما أشار دين ماك كانل: "أي شيء يُلحظ، حتى وردة صغيرة أو ورقة رفعت من الأرض وعرضت على طفل، ملمع الأحذية أو حفرة من الحصى، كل شيء به جاذبية محتملة…. أحيانا يكون لدينا دليل سياحي رسمي أو أفلام عن السفر تساعدنا على تحديد ذلك. غالبا نحن لوحدنا. وإلا كيف نتعرف على أي شخص آخر سوى أنه عبارة عن مجموعة من الإشارات المتشربة من الكون المليء بالإشارات؟ كيف لنا أن نبدأ بمعرفة العالم بغير هذه الطريقة؟"

*****

إذا ما اندفع شخص بثقة تجاه أحلامه ومساعيه ليحيا الحياة التي يتخيلها، سيجد نجاحًا غير متوقع في ساعات عادية. سيركن  
بعض الأشياء خلفه، سيرفض حدودا غير مرئية؛ قوانين جديدة وعالمية وحرة ستتشكل حوله وفيه. 
هنري ديفيد ثورو، كتاب والدن


استكشف محلّك
إذا ما كنت محتارا بما يمكنك فعله في مكان ما، فقط ابدأ بالمشي حول بيئتك الجديدة. امش حتى يغدو يومك أكثر تشويقًا --حتى لو تطلب ذلك السير لخارج المدينة والولوج إلى الأرياف. في النهاية ستشاهد منظرا أو تقابل شخصا يجعل ما مشيته ذو فائدة. إذا ما "تهت" خلال هذه العملية، فقط خذ الباص أو التاكسي إلى معلم رئيس محلي ومن هناك ستجد طريقك إلى فندقك.
دون يومياتك من بداية سفرك، وانتظم بكتابتها يوميا. لك مطلق الحرية بأن تكتبها باقتضاب أو بإسهاب كما تحب. احتفظ بسلسلة من القصص، الأحداث، المشاعر، الفوارق والانطباعات. النتيجة ستكون سجل استثنائي لخبراتك ولنموك.

*****


كيف تغسل ملابسك
بعض الأماكن (مثل الهند) تتوفر فيها خدمة غسيل ملابس رخيصة وفي كل مكان، لكن أماكن أخرى كثيرة لا تملك هذا. لحسن الحظ، غسل ملابسك أمر يمكنك أداءه بسهولة. أحضر سدادة لمغسلة حمام فندقك، واستخدم الشامبو كمنظف. واحضر حبل بنجي صغير لاستخدامه كحبل غسيل. إذا كانت ملابسك لاتزال مبللة قليلا في الصباح، أفضل حل هو أن ترتديهم في ذلك اليوم (والذي قد لا يكون مريحا في البداية، إلا أنه أفضل من وجود ملابس مبللة داخل حقيبتك).

*****


أولئك اللذين يزورون أوطانا أجنبية ولا يرافقون إلا أُناسا من بلدهم, يغيرون أجوائهم، لكن لا يغيرون تقاليدهم. يرون قمما جديدة، لكن يجدون نفس الرجال؛ وبرؤوس خاوية كجيوبهم، يعودون لأوطانهم بأجساد مسافرة، لكن بعقول لم تسافر. 
تشارلز كاليب كولتون، لاكون

ادعم السكان المحليين
في أغلب الأماكن، الفنادق الرخيصة وبيوت الضيافة تكون مملوكة لأهل البلد، مما يعني أن السفر المقتصد هو في الواقع أفضل وسيلة لدعم الاقتصاد المحلي. كذلك، أماكن الإقامة المحلية عادة ما تكون متاحة للمساومة في أسعار الغرف --خاصة خلال موسم السياحة الضعيفة. الكثير من الأماكن تعرض نسبة من الخصم عند حجز عدة ليال.
لا تقبل غرفة قبل أن تطلب معاينتها أولا. تأكد من عمل الكهرباء والماء، وتأكد من عمل أقفال الباب. لاحظ موقع غرفتك بالمقارنة مع الديسكوات، المساجد، المصانع، الشوارع الرئيسة أو أي بيئة محيطة قد تسبب ازعاجًا في أوقات محددة من اليوم.

*****


تعرّف على الآخرين لتعرف ذاتك
من أكثر الأشياء التي تحتفظ بها الذاكرة عند مقابلة أشخاص من دول أجنبية هو ما تفعله هذه اللقاءات بتوعيتك على غرائز التغذية الثقافية الخاصة بك. ما هو صحيح أو خاطئ في أمريكا لا ينطبق بالضرورة على الدول الأخرى --واذا استمريت بالنظر إلى الآخرين من خلال قيمك، ستفقد فرصة النظر إلى العالم عبر أعينهم. الأمريكيون، على سبيل المثال، يعلون من قيمة الفردانية، بينما أغلب الحضارات الآسيوية ترى الفردانية على أنها خيانة أنانية للواجب وللعائلة. الغربيون يفضلون المباشرة والموضوعية في الصفقات التجارية، بينما العديد من الشرقيين يرون ذلك على أنه برود ولا إنساني. الناس في بعض الثقافات سيحكمون عليك بناء على دينك (أو على عدم وجوده). آخرون سيتفاعلون بشكل غريب بناء على نفوذك (أو على عدم وجوده)، الشكل، أو الجنس. القراءة عن هذه الفوارق الثقافية شيء، ومعايشتها شيء آخر. في النهاية، الهوية الثقافية أمر غريزي، ليس فكريا --وهذا يعني أن التحدي الذي سيواجهك ليس كيف تتحكم بتصرفاتك بل كيف تتفاعل غريزيا مع التصرفات الغير مألوفة للآخرين.


ممارسة السفر المفعم بالحياة هو اكتشاف نقطة التداخل بين التاريخ والحياة اليومية، طريقة إيجاد الجوهر في كل مكان، كل يوم: في الأسواق، الكنائس الصغيرة، الحدائق البعيدة، المحلات الحِرَفيِّة. الفضول نحو ما هو خارق في ما هو طبيعي يدفع بلب نية المسافر إلى رؤية ما خلف حجاب السياحة. 
فيل كوزينو، فن الحج