قصة قصيرة: بركاتك يا انترنت

آلام الأسنان تجلب هلاوس الأحلام. تُذهلنا عمّا حولنا، تُثقل نهارنا تأوهًا وتُحلِك بالأنين ليالينا. تسلبنا طيب الرقاد. تَعرج بنا في سماء الأوجاع وتُردينا. صِنفٌ من العذابات الجحيمية، لا تنفَكُ حتى تَبْتَلّ مآقينا.

لفترة، لازمني ألمٌ حاد استقر في أحد أسناني، يغيب ويرجع. ابحث في الانترنت عن أشخاص يواجهون آلامًا مشابهة. اقرأ قليلا عن علاجات شتى، حتى أغطّ في النوم. بَسْ! مللت التأجيل. ينبغي أخذ موعد عند عيادة الأسنان. بالقرب من مقر عملي عيادة تبدو جيدة. غدًا أذهب.

أو، لأتمهل قليلًا، لأجرب حلا آخر يعالج الضرس طبيعيا من تلك العلاجات التي قرأت عنها. ماذا سأخسر. صبرت عليه طويلا، لأصبر أكثر، فربما.
لماذا لا أُنبت الضرس مرةً أخرى، أو الأجزاء التي نخرها السوس. مثلما تنمو خلايا الجسم والعظام. محاولة، لعل وعسى.

يلزمني القليل من ثاني أكسيد الكلور لأمحو البكتيريا الموغلة. بعد ذلك أبدأ عملية الإنبات بقطرات من فيتامين "ك" في الفم. محلول المغنيسيوم لتغميس باطن القدمين. فيتامين "د" وزيت السمك. والكثير الكثير من الزبدة، صباحًا ومساءً.

أرصد الضرس كل يوم. لا تَغيُّر. الأمور تسير بشكل طبيعي في الأسابيع الأولى، سِوَى أوجاع متفرقة في المفاصل. أخي دخل غرفتي مسرعا قبل يومين عند سماعه استغاثاتي، لكنه انتبه أني كنت أشّخر. بركاتك يا زبدة!
قررت أزيد الجرعة. لعل وعسى.

البلغم في تكاثر. نومي الثقيل صار أثقل. بِتُّ أشرب قهوتي بالزبدة. أشهى وأطعم. اضطررت إلى شراء ملابس جديدة. أما الضرس فلا تَغيُّر.
هل الجرعة غير كافية؟ طيب، سأزيدها.

تثاقلت حركتي. مزاجي متعكر على الدوام. زادت ساعات نومي وازددتُ تعففا. أغلب طعامي امتزج بالزبدة.
إلا أن تضاريس جسمي بالدهن نبتت، عساها تذهب جُفَاءً، عساها. أما إنبات الضرس، فقد تلاشَ الأمل. وكلما نظرتُ إلى المرآة شاهدت إنسانًا لزجًا بأعضاءٍ مُمَدَّدَة، محشوًا بالزبدة. بركاتك يا انترنت!

١٦ ديسمبر ٢٠١٤