متى تصير كاتبا؟


متى تصير كاتبا؟
لـ جيف قوينز
ترجمة بتصرف: علي الصباح

هذا النص مجتزأ من كتاب أنت كاتب (لذا تصرف كذلك) :

كل هذا -- المسعى لأن تكون كاتبا -- لا يبدأ من يديك, ولا حتى من قلبك, بل من عقلك.
عندما شرعت في الكتابة واجهتني مخاوف شتى. من أنا لأزعم أني كاتب؟ كيف أصف نفسي بهذه الصفة في حين أني لم أكتب كتابا حقيقيا واحدا, ولم أنشر شيئا, ولا نلت أجرا على كتاباتي؟

عندما شرعت بممارسة عملي, تعلمت أمرا هاما. احتضان هويتك ككاتب هو إلى درجة كبيرة مسألة عقلية. أن تحتال على ذاتك لتكون أنت. إذا مارست ذلك لما يكفي ستبدأ بتصديقه. وقريبا جدا ستتصرف كذلك. يبدو الأمر جنونيا بعض الشيء, أليس كذلك؟ ربما. لكنني تعلمته من محترفين حقيقيين. كانت المسميات ترهبني حين بدأت بالكتابة, وكنت أتسائل عن ما أحتاج إلى القيام به لنوالها, لأكون مستحقا لها.

لازمني الهم بأني لن أشعر أبدا بأني كاتب, بالرغم مما كنت أحدث به نفسي. لذا سألت شخصا خبيرا. في كتاب فن الحرب, يوضح ستيفن بريسفيلد بأنك يجب أن تتحول إلى محترف في ذهنك أولا قبل أن تفعل ذلك على الورق. فأهم من عقود النشر والوصول إلى قائمة أكثر الكتب مبيعا هو هذا الإعتقاد في ذاتك. بعبارة أخرى, هو يؤكد على أنك بحاجة إلى أن تحتال على ذاتك, لأنك لست بكاتب بعد. أنت في البداية. يجب علينا كلنا أن نبدأ من مكان ما, ومهنة الكتابة تبدأ منك. في البداية, لم أصدق هذا. فالأمر أشبه ما يكون بكلام المحتالين. لذا راسلت السيد بريسفيلد. أردت معرفة الحقيقة عن صنعة الكتابة, وما لذي تحتاجه حقا. وافق على مقابلتي. لذا, سألته: "متى صرت كاتبا؟ حين حصلت على وكيل؟ عندما وقعت عقد أول كتاب؟ عندما بعت مئة ألف نسخة؟" قال ولا واحدة من هذه. الحقيقة أكثر بساطة. متى تصير كاتبا؟ "عندما تقول أنك كذلك, قال. لم أفهم. أريد خطوات عملية ووصفات أسير عليها. أين البيانات التي تسند هذا؟ لكنه أصر. "دع عنك كل ما يقوله الآخرون. أنت تكون عندما أنت تقول ذلك". في نهاية نقاشنا أزاح كل إعتراضاتي. لم تتبق أي مجادلات, لذا قررت أن أجرب بنفسي.

ما الخيارات التي أمتلكها؟ كل هذا الشك الذاتي, كل هذه التساؤلات -- كنت على استعداد لعمل أي شيء لتخفيف هذا النقص في الثقة الذي اعتراني. لذا بدأت بالقول بأنني كاتب. وضعتها على صفحة الفيس بوك. أرفقتها مع توقيع بريدي الإلكتروني. حيثما استطعت, كنت أكتب كلمة "كاتب" إلى جانب إسمي. كان الأمر فيه شيء من السخافة, لكن شيئا مجنونا حدث نتيجة لهذه الحملة. إنها تعمل. حالما صرحت بهويتي علانية بدأت في تصديق ذلك. قبل أن يناديني أي أحد بهذا اللقب, بدأت أنا بالتصديق بأنني كاتب. صرت أتصرف كذلك. ثم حدث أمر غريب. تحسنت كتابتي. كل هذا بسبب كلمات بسيطة (والسلوك الذي انبثق من تصديق ذلك). خلال هذه العملية, تعلمت درسا هاما: قبل أن يعتقد الناس بما هو حقيقي عنك, عليك أنت أولا إعتقاد ذلك.