لماذا لن تتزوجكَ\يتزوجكِ؟




لماذا لن تتزوجكَ\يتزوجكِ؟
بقلم: هيدي إيسِرن
ترجمة: علي الصباح

مع حلول فصل الربيع من كل عام تتجلى الرومانسية بشتى أشكالها. فتتفتح الورود, وتغني طيور الحب, ويمتلئ الفيسبوك بصور خواتم خطوبة حديثة. وينسرب في المدينة قلق تجاه الزواج يبعث على النرفزة في كثير من سكانها ويجعلهم يتسائلون متى سيأتي دورهم.
يشعر الرجال بضغط يدفعهم للمبادرة بـ"طلب اليد", أما النساء فيشعرن بالضغط حينما يُسألن. بغض النظر عن مدى صحة ذلك, إلا أن فكرة قيام شخص آخر باختيارنا لبقية حياتنا تشكِّل تقديرنا لذاتنا. حين لا تحدث طلبات الزواج (أو حين ترفضها النساء), فإما أن نصير مهووسين تجاه هذه المسألة ونحاول تحقيقها بأي وسيلة, أو نصير سوداويين ونفكر بوسائل درامية لإنهاء حياتنا.

عوضا عن شرب قنينة كاملة من البراندي والقفز من أعلى جسر, يجب على من لم يلبس الخاتم بعد أن يحاول معرفة تفكير شريكه تجاه الزواج ومن ثم يقرر -إما أن يهدأ أو يتجاوزه.
لمعرفة الفوبيا المحيطة بطلب التقدم بالزواج, أجريت بحثا مع مجموعة من الأشخاص من أعراق مختلفة في أحد البارات المحلية. اهتمامي كان موجها للرجال الميالون إلى النساء, مع تقديري في نفس الوقت لوجود قوس قزح من وجهات النظر الأخرى.

حسنا إذن, ما الذي يُعَطِّلهم؟

١- يعتقد أنها ستحاول تغييره
يقول النادل في بار الحي "لماذا أطلب يدها؟ حياتي مثالية كما هي الآن. أمتلك هذا البار, لدي خليلة عظيمة, وألعب البوكر كل ثلاثاء. أخشى أن الزواج سيغير كل هذا. الزوجة تتطلب أمورا أكثر مما تتطلبه الخليلة. هل أخبرتك عن كيرك, يا له من مسكين."
كيرك وشيلا يعكسان إحدى قصص الحب الكلاسيكية في سان فرانسيسكو. التقيا لأول مرة في غرفة حمراء في حفلة بأحد النوادي. في غمرة اتصال جسديها, انتبه كلاهما بأن الآخر يشاركه هوسه الجنسي في الأقدام, وحب شراب الپينا كولادا بحلاوة إضافية, وورد الترمس ذو الأوراق البيضاء التي تنمو قريبا من منحدرات جبل بيگ سور. لم يأخذا وقتا طويلا حتى وقعا في الحب. كان كيرك في منتهى السعادة. أخيرا قد وجد المرأة التي لم يتوقع أن يجد مثلها, تشاركه اهتماماته وكذلك حاجاته الجنسية المتنوعة. بعد أربع حفلات أخرى تقدم بطلب يدها. وكان زواجهما مباركا إلى لحظة وصول بطاقة دعوة للحفلة التالية بالبريد.
قالت له شيلا "نحن الآن متزوجان ولا نمارس هذه الأشياء. حان الوقت لنبني بيتا ونفكر بالأطفال."
ذُعِر كيرك. أين ذهبت تلك المرأة الجامحة التي تزوجها؟
انحنى النادل على مرفقيه وقال بصوت خافت, "كما ترين. النساء يتوقعن أن يتغير الرجال. الرجال يأملون أن لا تتغير النساء أبدًا."
يخبرني الأزواج السعداء بأن سر سعادتهم هو من خلال تكوين نظرة مستقبلية مشتركة ليتغيرا سويا في سبيل تحقيقها. إذا كان لديك أنت وشريكك نظرتين مستقبليتين مختلفتين, فسينتهي بكم الحال مثل كيرك وشيلا. الهندسة المعمارية التعاونية هي عبارة عن مخطط مشترك. ليعطي كلاكما للآخر شيئا أفضل من الحالة الراهنة ليتطلع إليه.

٢- الخوف من فوات الفرص
يقول رجل يشرب بيرة غينيس إلى يميني "أحب خليلتي, ولن أخونها. لكن فكرة التخلي عن إمكانية أن أكون عاريا مع امرأة أخرى لبقية حياتي تبدو جنونية. ماذا لو كان هناك شخصا آخر يُفترض لي أن أكون معه؟"
ينتشر الكثير من الأشخاص المثيرين للاهتمام في مدينة مثل سان فرانسيسكو. التعارف بين الجنسين شبيه بالاشتراك الشهري للقارئ الإلكتروني "كيندل", كل علاقة هي رواية آسرة. حينما ينتهي الفصل الأخير منها يمكننا ببساطة اختيار كتاب آخر. أعترف بأنني أعتز بمكتبتي الشخصية وبحرية تقليب أوراق كتبي القديمة المفضلة في أي لحظة نزوة. بالرغم من ذلك, يمكنني كذلك أن أرى فوائد ملازمة رواية ملحمية واحدة, مما يتيح للشخصيات بأن تتطور بشكل كامل وكذلك تعطي فرصة للعيش في أجواء شيء أعظم من القصص الومضيّة.
تكمن المشكلة في تحديد أي كتاب سيكون التحفة الفنية التي ستعيشها لبقية حياتك؟
إذا كنتَ واثقا من أن شخصا ما هو تحفتك الفنية, إلا أن ذلك الشخص لازال يريد الاحتفاظ ببطاقته المكتبية, فعليك حينها أن تتجاوزه وتمضي. أو على الأقل أن تتظاهر بذلك. أحيانا *يظن* بعض الناس بأنهم يريدون المحافظة على حرية إقامة علاقات غرامية مع آخرين إلى أن يقوموا بذلك فعليا. ثلاث لقاءات غرامية فاشلة كافية لتحويل ذلك الشخص إلى متبتل أو إلى أفضل من ذلك, بأن يعود إليك. الفتى أو الفتاة التي تريد أن تقضي بقية حياتك معها تعلم أنك لستَ كاملا, لكنها تفضل عدم كمالك على أن تقوم بالبحث إلى الأبد عن الكمال في شخص آخر.

٣- لا يريد (لا تريد) أن يفقد استقلاله الذاتي
تقول صديقتي أليس وهي تعيد كأس السكوتش "كم أخشى أن يطلب يدي. لستُ مستعدة بعد." شكوكها حول الزواج وقدرتها على شرب الكحول تعكس ما نسبته 06.% من نساء العالم. تقول "لازلت أريد السفر مع صديقاتي, وأشرب النبيذ في الأسطح, وأرقص مع الغرباء."
بالنسبة للشخص البوهيمي المُعتمد على ذاته, يتبدى الزواج كأنه سرداب أرضي يوضع فيه الناس داخل زنازين إسمنتيّة بأيدي مكبلة ويتعرضون للضرب بالسياط (لكنهم لا يكترثون للنظر إلى مُتَع الزواج). عوضا عن أن يلبسوا كفنهم بأيديهم, يفضلون البقاء للأبد كخليل أو خليلة.
كيف تقنع شخصا بأنه سيظل محافظا على استقلاليته في نفس الوقت الذي سيكون فيه بعلاقة اعتمادية؟ الإجابة يمتلكها رجل مكسيكي غريب الأطوار يجلس خلفنا.
"في البدء لم أُرِد الزواج من گابريلا, كنت أفكر, لماذا؟ كنا مولعين بالفن بشدة وتجاوزنا عادة قديمة كهذه! لكن بكونها كاثوليكية, كان الأمر مهما لها, فسعينا إلى حل وسط. ٣٦٠ يوما بالسنة أكون لها. مقابل أن يكون لي خمسة أيام كل سنة أفعل فيها ما أشاء, بلا أسئلة. اعتقدت بأني سأستغلها كأن أتصرف بجنون, أنام مع نساء جديدات, وأركب دراجتي النارية في البراري. لكني لم أفعل! معرفتي بامتلاكي لهذه الحرية جعلت أي رغبة في استغلالها تتلاشى."
أغلب الأرواح المستقلة تتوق لرفيق رقص في الحياة. لكن الرفيق الذي يتوقون إليه "يتيح لهم" ما يكفي لعدم تقييدهم. إذا كان الشخص الحريص على الزواج يستطيع أخذ فترات استراحة, فلن يشعر الشخص المذعور من الزواج أنه مُحتَجز ولن يحاول الفرار. تتولد الرغبة من خلال وجود مساحة, وليس بعدم وجودها.
العلاقة الجيدة مثل رقصة التانغو, يجب على أحدهما أن يأخذ خطوة طويلة إلى الوراء ليستطيع الشخص الآخر أن يتقدم.

٤- التوقيت غير مناسب
يقول الرجل الجالس إلى يساري وهو يدفع ٢٠ دولارا مقابل شراب تكيلا رخيص "أريد الزواج مجددا ولكن ليس الآن. لا أريد القفز بسرعة لأكتشف أن الشيء الوحيد المشترك بيننا هو إدماننا للكحول. أعني, هكذا كان زواجي السابق."
رجل التكيلا هذا تزوج مباشرة بعد انتهائه من الجامعة أثناء لعبة "من يجرؤ" في لاس فيغاس وهو ثمل. ازداد افتراقهما عن بعض مع مرور الوقت إلى أن قررا الانفصال بعد ١٠ سنوات. بالرغم من رغبته الحثيثة في تجاوز ذلك, إلا أنه لا يستطيع أن ينسل من شريكته السابقة كجلد قديم. مفارقة شريك حياة تكون بمثابة بتر ذراع. الكثير من العلاج مطلوب حتى يتعافى النسيج المجروح.
إذا كان لشريكك مجموعة مختلفة من الأفكار والتصورات فاستعد لإطار زمني متباين. أولئك الذين مروا حديثا بالطلاق, أو الصدمات الأسرية, أو حتى فشلوا في مشروع تجاري صغير يحتاجون معاملة شديدة الخصوصية. حين يقولون "يوما ما سأتزوج مجددا", 'يوما ما' قد تعني في السنة القادمة أو في الحياة التالية -حين يتجسدون بأنفسهم مرة ثانية. إذا لم تعد قادرا على أن تكون صريحا, لطيفا, وصبورا فتجاوز الأمر. إذا لم يكن الشخص مستعدا فهو غير مستعد. لا يمكنك تعجيل الأمور فقط لأن ساعتك تعمل بشكل أسرع.

٥- الأمر ليس بالجدية التي تظنها
للأسف, يعيش الكثير من الأشخاص أحلام يقظة حول علاقتهم ويرونها كقصة حب ملحمية. لا تتخيل واقعا بديلا وتنسى الواقع الذي تعيشه. قد يكون السبب الذي يدفع شريكك بأن يكون معك ليس رغبته بالزواج منك, ولكن لأن رفقتك أفضل ولو هامشيا من أن يظل وحيدا. نصيحتي هي أن تتجاهل القصص التي يحكيها لك قلبك وتستمع إلى صراحة حدسك. إذا كانت أمعائك دائما تتلوى قلقا حول مدى أهميتك, فعليك إذن أن تعيد النظر في الوقت الذي تضعه في هذه العلاقة. كل دقيقة تقضيها مع شخص لا يشعرك بالأمان هي دقيقة مُهدرة كان يمكنك استغلالها لإيجاد ذلك الشخص لكنك لا تفعل. هناك حذاء مناسب لكل جورب ومكعب ثلجي مناسب لكل كأس ويسكي. لا تُضِع وقتك حافيا وظمآنا. بالإضافة إلى ذلك, من خلال مفارقتك له يمكنك إعادة اكتشاف ذاتك وإيجاد طرق كثيرة لتقدير أهميتك الذاتية.

المحادثة + مساحة
سواء كنت تريد الزواج أو تسعى إلى الفرار منه, تكلم مع شريكك حول هذا الموضوع. أنظر ما إذا أمكنكما تصور مستقبل مشترك. ليعطي كل شخص مساحة للآخر. مساحة للتفكير, مساحة للتطوير, مساحة لهم ليتصوروا كيف سيكون الأمر إذا ما رحلت. المساحة, وليس الضغط, تنمي الحب. إذا ما أعطيت علاقتك هواءً لتتنسمه قد تنمو لتصبح شيئا جميلا جدا وقد لا تحتاج حينها إلى شهادة زواج لتثبت ذلك.


على أية حال, تزوج. إذا كانت زوجتك (أو زوجك) جيدة, ستسعد; إذا كانت سيئة, ستصير فيلسوفا.

سقراط